المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثاني

122

وأمّا على الوجه الرابع: وهو: أنّ المدلول التصوّريّ ـ وهو النسبة الصدوريّة ـ يتعلّق به ابتداءً الطلب والإرادة كما يتعلّق به الإخبار والحكاية، فيصحّ أن يكون ما وراءه من مدلول تصديقيّ عبارة عن الطلب والإرادة رأساً، كما يصحّ أن يكون عبارة عن الإخبار والحكاية، فهذا لا يفسّر دلالة الجملة الخبريّة في مقام الطلب على الوجوب، ولا يأتي شيء من الخصوصيّات التي عرفتها في الوجوه السابقة لإثبات الوجوب، فلا تدلّ الجملة الخبريّة على هذا الوجه إلّا على جامع الطلب(1).

نعم، لو بنينا على دلالة الأمر على الوجوب بالإطلاق بالتقريب الذي يقوله المحقّق العراقيّ (رحمه الله): من أنّ الوجوب كلّه إرادة، والاستحباب يكون حدّه وهو ضعف الإرادة خارجاً عن الإرادة، أمكن الإتيان بذلك الوجه فيما نحن فيه أيضاً، فيقال: إنّ الجملة الخبريّة دلّت تصوّراً على النسبة التصادقيّة، وتصديقاً على الإرادة، والوجوب كلّه إرادة بخلاف الاستحباب، فقد دلّت على الوجوب.

وكأنّ هذا الوجه بطلانه هنا أوضح منه في الأمر؛ حيث إنّ الأمر كان يُفهِم



الأمر. أمّا على طريقتنا الماضية من وضع صيغة الأمر لنسبة بعثيّة وجوبيّة ذات أطراف ثلاثة، فالذي ينبغي أن يقال هنا في كيفيّة فهم الوجوب هو: أنّ الملازمة بين النسبة البعثيّة الوجوبيّة والمدلول التصوّريّ للجملة الخبريّة الذي هو النسبة الصدوريّة آكد وأوضح منها في غير الوجوبيّة، فينتقل الذهن إلى الوجوبيّة، وبالتالي تنعقد الدلالة التصديقيّة على البعث الوجوبيّ والإرادة الوجوبيّة.

(1) نعم، لو بنينا على مسلك الشيخ النائينيّ (رحمه الله): من أنّ الوجوب مفهوم بحكم العقل لدى كلّ طلب من المولى لم يرد معه ترخيص في الخلاف، يثبت في المقام الوجوب بلا إشكال.