المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الأوّل

431

فإذن يلزم أن لا يتصوّر الإطلاق الشموليّ الشامل للمتلبّس والمنقضي عنه المبدأ في المشتقّ بأن يقال: «أكرم العالم» ويقصد ـ بناءً على الأعمّ ـ وجوب إكرام العالم بنحو الشمول، سواء كان متلبّساً بالفعل أو منقضياً عنه المبدأ، بينما ليس الأمر هكذا(1).

السادس: أنّ الجامع هو الذات غير المتلبّسة فعلاً بالعدم الأزليّ للمبدأ. وهذا جامع معقول في نفسه كالجامع الثالث الذي اخترناه، ويشمل المتلبّس بالفعل والذي تلبّس به المبدأ وانقضى عنه، فإنّه في كليهما لا تكون الذات متلبّسة بالعدم الأزليّ للمبدأ، ولا يشمل ما لم يتلبّس بعدُ بالمبدأ؛ لأنّه متلبّس فعلاً بالعدم الأزليّ، إلاّ أنّ هذا الجامع عيبه عدم عرفيّته، فإنّ هذا الجامع يفترض: أنّ (العالم) مثلاً معناه: الذات غير المتلبّسة بالعدم الأزليّ فعلاً للعلم، فكأنّه ابتداءً يفهم العدم، وعن طريقه ينتقل إلى الوجود. وبتعبير آخر: يفهم معنى المشتقّ عن طريق العدم، بينما العرف لا يحسّ بهذا التعقيد. وعين هذا الإشكال يرد على الوجه الرابع أيضاً(2).

وقد تحصّل: أنّ الصحيح من هذه الجوامع هو الجامع الثالث، فهو جامع معقول


(1) لا يخفى: أنّ كلمة أحدهما إذا كانت قد اُخذ فيها لغةً معنى البدليّة، فبإمكاننا أن نشير إلى الجامع الانتزاعيّ بين المتلبّس بالفعل والمنقضي عنه المبدأ بكلمة غير مشتملة على البدليّة من قبيل: (الفرد منهما)، فيكون معنى «أكرم العالم»: أكرم من يكون فرداً للمتلبّس أو المنقضي عنه المبدأ مثلاً. وبكلمة اُخرى: ليس الواضع مجبوراً بالضرورة على وضع المشتقّ ـ حينما فرض وضعه للجامع الانتزاعيّ ـ أن يلحظ عنوان (أحدهما) بما فرض له من معنى البدليّة، بل بإمكانه تجريد ذاك الجامع عن قيد البدليّة. فهذا الإشكال من قبل اُستاذنا الشهيد(رحمه الله) أشبه بالإشكال اللفظيّ.

(2) بناءً على كون المقصود منه انتقاض العدم. وهذا ما لا تُساعد عليه عبائر المحاضرات ما عدا عبارة واحدة.