المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الأوّل

42


وكذلك سائر الأحكام التنجيزيّة والتعذيريّة، أو بأن يكون حالة عامّة في الشريعة وإن لم يكن حكماً له، كأن يقال بأنّ الشارع إذا أمر بشيء أمر بمقدّمته، فإنّه وإن كان قد يقام برهان عقليّ على ذلك، لكنّه مع ذلك حالة ترجع إلى الشارع، أو بأن يكون عبارة عن بناء الشارع والتزاماته في مقام المحاورة والمخاطبة كما في الظهورات، والموجّه الحقيقيّ في بحث ظهور صيغة « افعل » في الوجوب إنّما هو ظهور صيغة « افعل » في الوجوب في لسان الشارع لا في لسان العرف، غاية الأمر أنّنا إنّما نتكلّم عن الظهور العرفيّ باعتبار مقدّمة مطويّة، وهي جريان الشارع على طبق الطريقة العرفيّة، ولهذا ترى أنّه في المورد الذي يحتمل فيه وجود مصطلح خاصّ للشرع يقع البحث عن ذلك في الاُصول، ولذا قال البعض في بحثه الاُصوليّ في صيغة « افعل »: إنّها وإن كانت حقيقة في الوجوب لغةً، لكنّها نقلت شرعاً إلى الاستحباب، أو إلى جامع الوجوب والاستحباب.

والخلاصة: أنّ البحث الاُصوليّ يكون بحثاً عمّا يرجع للشارع، ويكون شأناً من شؤونه، فإنّ علم الاُصول فرض علماً شرعيّاً مربوطاً بالشارع، فالموجّهات العامّة الاُصوليّة كلّها تعود إلى شأن من شؤون الشارع من حكم مجعول له، أو حالة تشريعيّة عامّة فيه، أو بناء عامّ من قبله تأسيساً كما في موارد النقل عمّا عليه العرف، أو إمضاءً كما في موارد جريانه على طبق الفهم العرفيّ. وأمّا وثاقة الراوي فليست شأناً من شؤون الشارع، ولا مأخوذة منه، وكذلك كلّ ما كان من هذا القبيل، كتشخيص كمّيّة الشهرة بحسب الخارج، وتشخيص مقدار علم العلماء لمعرفة مقدار أثر الإجماع، ولهذا لا يبحث في علم الاُصول عن أحوال العلماء من ناحية مقدار علمهم وسعة باعهم ودقّتهم، وإنّما يبحث ذلك في علم التأريخ كما يبحث عن الرواة في علم الرجال وإن كان كلّ ذلك من الموجّهات الصوريّة العامّة.

وذكر (رضوان الله عليه) في أوّل بحث الاستصحاب ما يقارب هذا البيان، فقال:

إنّ أبحاث علم الاُصول لا تكون ضيّقة بحيث تؤخذ فيها مادّة من الموادّ الفقهيّة،