المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الأوّل

365


المسبّب حتّى يقال: إنّ الحكم حيثيّ لا ينفي نقصاً يأتي من قبل أمر آخر، وهو السبب؛ وذلك لأنّ تحصّص تلك الحصص إنّما هو بتعدّد السبب، وليس لأيّ حصّة من الحصص امتياز على باقي الحصص، إلاّ بامتياز سببها، فنقص الحصّة المسبّبة مع نقص سببها يعتبر شيئاً واحداً لا شيئين، فالإطلاق الذي يُقرّ كلّ تلك الحصص يُقِرّ ـ لا محالة ـ كلّ تلك الأسباب.

هذا حال التقريب الثالث من التقريبات الثلاثة التي أفادها اُستاذنا(رحمه الله) لإبطال الإطلاق.

وأمّا التقريبان الأوّلان، فقد نتجا في الحقيقة من تصوّر: أنّ معنى التحليل والإمضاء مثلاً في (أحلّ الله البيع) بناءً على تعلّقه بالمسبّب هو الإقدار على إيجاد الملكيّة، لا إنفاذ ملكيّة مفروضة في مرتبة سابقة، وذلك ببيان: أنّ الإمضاء للعقود كما يصدر عن الشارع كذلك يصدر عن العقلاء، ويكون كلاهما بمعنىً واحد، وإنّما الاختلاف في الممضيّ، وبما أنّ الإمضاء العقلائيّ لا يمكن تفسيره بمعنى الملكيّة العقلائيّة؛ لأنّ هذا معناه: إمضاء الإمضاء، أو تنفيذ التنفيذ، بل لابدّ من تفسيره بمعنى الإقدار على إيجاد الملكيّة العقلائيّة؛ فكذلك الإمضاء الشرعيّ يكون بمعنى الإقدار على إيجاد الملكيّة الشرعيّة، فكلا الإمضاءين يكونان بمعنىً واحد، وهو الإقدار على إيجاد الملكيّة، وإنّما كانت الملكيّة في أحدهما عقلائيّة وفي الآخر شرعيّة بسبب اختلاف الممضيّ الذي هو العقلاء في أحدهما، والشرع في الآخر، وعلى أساس هذا التفسير صيغت التقريبات الثلاثة التي عرفتها لمحاولة إثبات عدم تماميّة الإطلاق فيما إذا كان الإمضاء منصبّاً على المسبّب.

ولكن السيّد الخوئيّ(رحمه الله) يرى أنّ الإمضاء في (أحلّ الله البيع) ونحوه ـ بناءً على كونه إمضاءً للمسبّب ـ يكون بمعنى تنفيذ ملكيّة مفروضة سابقاً، فتلك الملكيّة موضوع لهذا الحكم، وبما أنّها تتحصّص بتحصّص الأسباب فهي: تارة ملكيّة ناتجة من العقد اللفظيّ، واُخرى من المعاطاة ... وما إلى ذلك، فالإطلاق الحكميّ يجري في المقام، ويثبت بذلك شمول الحكم.