المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الأوّل

353

الشرعيّة كلّها موجودة قبل الشارع كما استقربنا ذلك، والشارع جرى على طبق استعمال عرفيّ موجود في البيئة، فلا ينبغي الإشكال في أنّها أسماء للأعمّ؛ إذ لا معنى لفرض أنّها قبل الشارع كانت أسماء للصحيح عند الشارع، والمفروض أنّه لم يأتِ بوضع جديد، فلابدّ أن يقال: إنّ لفظة «الصلاة» موضوعة في البيئة المتديّنة العربيّة قبل نزول الإسلام لجامع مرن قابل للانطباق على الأشكال المختلفة للعبادة: الشكل الإسلاميّ منها والأشكال السابقة، والشارع لم يأتِ بوضع جديد. وأمّا إذا لم نقل بذلك، بل قلنا بوضع جديد تعيّنيّ، فأيضاً الظاهر: أنّ الوضع للأعمّ، فإنّ الوضع التعيّنيّ ينشأ من كثرة الاستعمال، ومن الواضح لمن تتّبع الاستعمالات في كلمات الشارع أنّ الاستعمال في الأعمّ كثير جدّاً، بل لم نحرز الاستعمال في الصحيح بخصوصه، ولا في مورد؛ لأنّ الجامع الأعمّيّ ينطبق على الصحيح، فيحتمل قريباً كون الاستعمال دائماً في الأعمّ، وإرادة الصحيح من باب كونه مصداقاً للأعمّ وحصّة له. نعم، بنينا على الوضع التعيينيّ فإثبات الوضع للصحيح أو للأعمّ في غاية الإشكال، ولا طريق لنا إلى إثبات أحد الأمرين لكنّه أضعف الاحتمالات(1) كما بيّنّا في بحث الحقيقة الشرعيّة، فالظاهر كونها أسامي للأعمّ.

هذا تمام الكلام في العبادات.


(1) جاء في كتاب السيّد الهاشميّ حفظه الله، ج 1، ص 210: أنّه على هذا الفرض أيضاً يكون الأرجح هو القول بالأعمّ؛ لأنّ تداول الأسامي في استعمالات الشارع كان سابقاً على تبيان الأجزاء والشرائط، والتي اقتضت المصلحة التدرّج في بيانها، فلو كان هناك وضع تعيينيّ من قبل الشارع، فالأرجح أنّه كان في الأعمّ؛ لأنّ الوضع للصحيح بما هو صحيح غير محتمل، ولواقع الأجزاء والشرائط التي هي مبهمة لم تعرف بعد لا يناسب غرض الواضع، والوضع لما هو مبيّن فعلاً يوجب تغيّر الوضع.