المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الأوّل

277

فليس يدور أمره بين الملاكين، بل قد يستعمل بلا وضع ولا قرينة عند تعلّق الغرض بالإبهام والإجمال، فالاطّراد في الاستعمال غاية ما يكشف عنه أنّه وجد استعمال في المعنى بلا قرينة، وهذا ينسجم مع المجاز أيضاً. نعم، بالاطّراد في التبادر الذي هو الوجه الأوّل يمكننا أن نثبّت أنّ الانفهام كان بالوضع.

الوجه الثالث: ما اُشير إليه في الكفاية، من كون المقصود اطّراد الحيثيّة المصحّحة للاستعمال، بمعنى: أنّه إذا اُطلق لفظ على فرد، وكان إطلاقه عليه بلحاظ وجدان ذلك الفرد لحيثيّة، فإن كانت تلك الحيثيّة مصحّحة للإطلاق دائماً وفي أيّ فرد توجد، فالإطلاق حقيقيّ: وإلاّ فمجازيّ، فمثلاً الحيثيّة المصحّحة لإطلاق لفظة «أسد» على هذا الفرد من أفراد الأسد هي كونه حيواناً مفترساً، وهذه الحيثيّة المصحّحة مطّردة، أي: أنّه في أيّ فرد وجدت صحّ إطلاق لفظة «أسد» عليه، فهذا علامة الحقيقة، وأمّا الحيثيّة المصحّحة لإطلاق لفظة «أسد» على الرجل الشجاع فهي المشابهة للحيوان المفترس، وهذه الحيثيّة غير مطّردة؛ فإنّه ليس متى ما وجدت المشابهة للحيوان المفترس صحّ إطلاق لفظة «أسد» على الواجد لها، ففي ما يشابهه في الرائحة مثلاً نرى أنّه لا يصحّ الإطلاق، فيعرف أنّ استعمال كلمة «أسد» في الرجل الشجاع مجاز.

وهذا يرد عليه ما ذكره في الكفاية، من أنّ الحيثيّة المصحّحة مطّرده دائماً حتّى في المجاز، والحيثيّة هنا ليست مطلق المشابهة، بل المشابهة في أبرز الصفات، وهذه مطّردة(1).


(1) راجع الكفاية، ج 1، ص 29 بحسب طبعة المشكينيّ. وليست عبارته واضحة في عدم قبول هذه العلامة، فراجع.