المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الأوّل

256

إلاّ أنّ هذا ليس إشكالاً مستقلاًّ حقيقيّاً؛ فإنّه لا برهان على عدم كون وضعها بنحو الوضع العامّ والموضوع له الخاصّ، حتّى يكون ذلك إشكالاً واقعيّاً، وإنّما هو إشكال جدليّ مثلاً.

والمهمّ ما عرفته من أنّه خلاف الوجدان إثباتاً.

والثالث: أخذ واقع الإرادة ووجودها الخارجيّ القائم في نفس المتكلّم.

وتحقيق الحال في ذلك: أنّنا إن بنينا على مسلك التعهّد، فبحسب الحقيقة تكون الإرادة هي تمام المدلول الوضعيّ للّفظ لا قيده، فعلى مسلك التعهّد يصحّ هذا الفرض مع تحويل القيديّة إلى كون الإرادة تمام المدلول، وهذا يرجع في الحقيقة إلى البحث عن كون الدلالة الوضعيّة تصديقيّة، وقد عرفت أنّه على مبنى التعهّد تكون الدلالة تصديقيّة وكاشفة عن واقع الإرادة في نفس المتكلّم.

وأمّا بناءً على ما هو المختار من أنّ الوضع عبارة عن القرن وإيجاد الملازمة ـ ولو عن طريق الاعتبار، بمعنى جعل الاعتبار مقدّمة إعداديّة لذلك ـ فأخذ واقع الإرادة أمر غير معقول، ووجهه ما بيّنّاه سابقاً. وحاصله: أنّ الانتقال من شيء إلى شيء فرع الملازمة بينهما، فإن كانت الملازمة بين وجودين خارجيّين كالنار والحرارة، كان الانتقال تصديقيّاً، وإن كانت الملازمة بين التصوّرين كان الانتقال تصوّريّاً، ولا تعقل الملازمة بين تصوّر ووجود، بل الملازمة: إمّا في عالم الخارج، فتكون بين الوجودين، ويكون الانتقال تصديقيّاً، أو في عالم الذهن، فتكون بين التصوّرين، وحينئذ إن كانت الملازمة في المقام بين وجود اللفظ ووجود الإرادة، رجع إلى التعهّد، وهو خلف، وإن كانت بين تصوّر اللفظ ووجود الإرادة، قلنا: إنّ الملازمة بين التصوّر والوجود غير معقولة، ولذا قلنا فيما سبق: إنّ تقييد اللفظ أو المعنى إنّما يعقل بالقيود التصوّريّة.