المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الأوّل

254

التحقيق: أنّهما لا يصحّحان التبعيّة:

أمّا الوجه الأوّل، فلأنّ غايته: أنّ لفظ «الإنسان» مثلاً يدلّ على مفهوم الإرادة ولو صدر عن نائم، ودلالة اللفظ على مفهوم لا تتوقّف على وجود ذاك المفهوم. هذا إذا اُخذ مفهوم الإرادة قيداً في المعنى الموضوع له. وأمّا لو كان المأخوذ قيداً فيه هو الوجود الخارجيّ للإرادة، فقد عرفت أنّ هذا غير معقول، إلاّ بالرجوع إلى مسلك التعهّد.

على أنّنا لو تصوّرنا ذلك، أي: الانتقال من تصور اللفظ إلى واقع الإرادة، فهذا لا يجعل دلالة اللفظ متوقّفة على الإرادة، بحيث لابدّ من إحراز الإرادة من الخارج؛ لكي تثبت دلالة اللفظ، بل تكون دلالة اللفظ نفسها بمعنى كون تصوّر اللفظ منشأً للتصديق بوجود الإرادة، فإحراز وجود الإرادة يكون ببركة الدلالة الوضعيّة، لا أنّ إثبات الدلالة الوضعيّة فرع إحراز وجود الإرادة.

وأمّا الوجه الثاني، وهو قياس الإرادة بمثل التنوين بأن يقال: كما يمكن فرض اللفظ لدى عدم دخول التنوين عليه مهملاً، كذلك يمكن فرض كونه لدى عدم الإرادة مهملاً، أي: أنّ اللفظ المقيّد بالإرادة هو الموضوع للمعنى، فهذا أيضاً غير معقول؛ لأنّه: إن كان المقصود جعل الإرادة الخارجيّة بوجودها الخارجيّ قيداً في الدلالة، بحيث تكون دخيلة في الانتقال إلى صورة المعنى، فهذا غير معقول؛ لأنّ الإرادة بوجودها الخارجيّ في نفس المتكلّم لا يعقل أن تكون مؤثّرة في تصوير السامع للمعنى، وإن كان المقصود جعل التصديق بالإرادة الخارجيّة قيداً في اللفظ، بحيث يكون الانتقال إلى صورة المعنى مسبّباً لتصوّر اللفظ المنضمّ إلى التصديق بالإرادة الخارجيّة، فهذا أيضاً غير معقول؛ لأنّ الانتقال من شيء إلى شيء فرع الملازمة، والملازمة إذا كانت بلحاظ الاقتران المتكرّر بين الوجودين،