المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الأوّل

253

المجعولات الاعتباريّة التشريعيّة التي تطلق و تقيّد، كالوجوب والحرمة وغير ذلك. وهذا يتّضح بطلانه ممّا بيّنّاه سابقاً في حقيقة الوضع، من أنّ الواضع تمام ما يعمله بحسب الحقيقة هو قرن اللفظ بالمعنى في ذهن الإنسان قرناً أكيداً، وإذا كان يستعمل الاعتبار فهو من باب كونه مقدّمة لذاك القرن، والله خلق ذهن الإنسان بنحو ينتقل من أحد المقترنين بالاقتران الأكيد إلى الآخر، ويكون تصوّر أحدهما علّة لتصوّر الآخر، فعندنا قرنٌ وعندنا معلول تكوينيّ لهذا القرن، وهو الملازمة بين التصوّرين، فنحن نسأل: ما الذي يفترض تقييده؟ هل نفس القرن، أو معلوله، وهو الملازمة التكوينيّة بين التصوّرين؟ أمّا نفس القرن، فهو فعل خارجيّ يتسبّب إليه الواضع بمثل التكرار أو الاعتبار، ولا معنى لتقييد الفعل الخارجيّ، وأمّا معلول هذا القرن فهو ملازمة تكوينيّة ليست في الإطلاق والتقييد تحت اختيار الإنسان، ولا يمكن لأحد أن يوجد القرن بين شيئين، ثُمّ يأتي ويقول مثلاً: إنّ الملازمة الناتجة عن ذلك أفرضها في الليل فقط، لا في النهار.

نعم، يبقى في المقام فرضان آخران، حاصلهما: أنّ الإرادة لا تفرض قيداً مأخوذاً في نفس الوضع حتّى يقال: إنّ هذا لا معنى له، بل تفرض قيداً مأخوذاً في أحد طرفي الوضع:

فإمّا هي قيد مأخوذ في المعنى، وبالإمكان تقييد المعنى بالإرادة، كما يقيّد بأيّ قيد آخر، فكما يمكن أن توضع كلمة «الإنسان» للحيوان الناطق بقيد الطول أو القصر مثلاً، كذلك يمكن أن توضع له بقيد إرادته.

وإمّا هي قيد مأخوذ في اللفظ، من قبيل تقييد اللفظ بالرفع أو التنوين مثلاً، فكما يمكن أن تجعل كلمة «زيد» مقيّدة بالرفع أو التنوين اسماً لفلان، كذلك يمكن أن تجعل مقيّدة بالإرادة اسماً له، فهل هذان الوجهان يصحّحان التبعيّة أو لا؟