المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الأوّل

252

وحاصل ما ذكروه في تصوير ذلك: أنّ الواضع لم يضع اللفظ للمعنى جزافاً، بل لغرض انتقال الذهن من اللفظ إلى المعنى، لكن لا مطلقاً، بل حينما يريد المتكلّم إفادة المعنى. وأمّا في انتقال الذهن إلى المعنى في غير هذه الحالة، كحال النوم أو صدور اللفظ من الحجر، فليس داخلاً في الغرض العقلائيّ للواضع، ولابدّ للعاقل أن يجعل الوضع على طبق الغرض بأن يضيّق دائرة الوضع، وإلاّ لكان إطلاقه عملاً لغواً. ومرجع ذلك إلى أنّ الدلالة تابعة للإرادة؛ لأنّ الدلالة فرع الوضع، وقد قيّد الوضع.

إلاّ أنّ هذا البيان غير صحيح، وذلك لوجهين:

الأوّل: أنّ هذا البيان لو تمّ فإنّما يتمّ بناءً على أنّ الإطلاق بحاجة إلى مؤونة زائدة، فيقال مثلاً: إنّ الواضع لماذا ارتكب هذه المؤونة بلا فائدة؟ فهذا لغو، ولكنّنا حقّقنا في محلّه أنّ الإطلاق ليس إلاّ عبارة عن مجرّد عدم التقييد، وليست فيه أيّ مؤونة لحاظيّة زائدة.

نعم، لو لم يكن الكلام في مقام الثبوت، بل كان في مقام الإثبات، وفرضت قرينة على أنّه لم يقصد الواضع الوضع إلاّ في مورد يحقّق هذا الغرض، لكنّا نقول بعدم شمول الوضع لغير صورة إرادة التفهيم، من قبيل ما يقال في الاُصول العمليّة من عدم شمول إطلاقها لغير المورد الذي تترتّب عليه ثمرة عمليّة، بقرينة أنّها وضعت لتعيين الوظيفة العمليّة، إلاّ أنّ الكلام هنا في مقام الثبوت، ولا موضوع لفرض القرينة على هذا الاختصاص وعدمه على أيّ حال.

وهذا الوجه من الجواب مبنيّ على المماشاة مع التصوّرات المشهوريّة التي اقتضاها هذا البيان الذي نناقشه، وحقّ الجواب هو الوجه الثاني.

والثاني: أنّ هذا الطرز من التفكير مبنيّ على أنّ الوضع من قبيل سائر