المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الأوّل

249

فإن قلت: إنّنا نفترض أحد طرفي الاعتبار هو اللفظ، والطرف الآخر ليس هو ذات المعنى مطلقاً، بل مقيّداً بالإرادة، فلا محالة يدلّ اللفظ على الإرادة.

قلت: إن كان المقصود بالإرادة مفهوم الإرادة مطلقاً، أصبح مفهوم الإرادة على الإطلاق داخلاً في معنى اللفظ، أي: أنّ معنى «زيد» مثلاً هو زيد المراد، والذهن ينتقل من صورة لفظ «زيد» إلى صورة معنى «زيد المراد». وهذا غير مربوط بالدلالة التصديقيّة، وإن كان المقصود بالإرادة مفهوم إرادة شخص المتكلّم بالخصوص، فحينما يقول خالد مثلاً: «زيد» يكون معناه: «زيد المراد في ذهن خالد»، فأيضاً لم يكن اللفظ كاشفاً عن الإرادة، وإنّما كان ناقلاً للذهن إلى مفهوم إرادة خاصّة، وهي إرادة خالد مثلاً، وهذا غير التصديق بوجود واقع الإرادة، وإن كان المقصود واقع الإرادة، فلا معنى لإيجاد الملازمة بالاعتبار بين لفظ زيد وواقع إرادة معناه، إلاّ التعهّد بأن لا يقول: «زيد» إلاّ إذا أراد معناه، فرجعنا مرّة اُخرى إلى التعهّد.

وقد عرفت فيما سبق أنّ مسلك التعهّد غير صحيح، وأنّ الصحيح هو مسلك الاعتبار بمعنى إيجاد القرن الأكيد بين صورة اللفظ وصورة المعنى، ولو بوسيلة الاعتبار.

إذن فالصحيح: أنّ الدلالة الوضعيّة لا تعدو أن تكون دلالة تصوّريّة، وموجبة للتلازم في عالم الذهن بين صورة اللفظ وصورة المعنى، لا التلازم الخارجيّ بين وجود اللفظ ووجود إرادة المعنى.

نعم، لا إشكال في أنّه تستفاد من ظاهر الكلام الدلالة التصديقيّة أيضاً، لكن هذا يكون باعتبار قرينة الغلبة، بحيث إنّ الغالب في المتكلّم العاقل عن وعي واختيار أنّه لا يتكلّم بكلام على سبيل لقلقة اللسان، وأنّه يقصد به أقوى المعاني