المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الأوّل

243

باللفظ، فهو يقصد أنّ هذا اللفظ من حيث إنّه اُريد به التفهيم دالٌّ، ومن حيث إنّه اُريد تفهيم نفسه به مدلولٌ.

لكن يبقى الكلام في كبرى هذا المطلب، وهو: أنّ التغاير الاعتباريّ هل يكفي لرفع محذور التقابل بين الدالّ والمدلول، أو لا؟

والصحيح: عدم الكفاية في أمثال المقام. وتوضيح الأمر: أنّ المتضايفين على قسمين:

الأوّل: أن يكون التقابل والتعاند بينهما تقابلاً وتعانداً مفهوميّاً فقط، كما في العالم والمعلوم، ويكفي عندئذ التعدّد الاعتباريّ، ويصحّ أن يكون العالم عالماً بنفسه، فيكون هو عالماً ومعلوماً.

والثاني: أن يكون التعاند بحسب مرحلة وجودهما أيضاً لملاك إضافيّ غير مجرّد التضايف، كما في العلّة والمعلول، والسبب والمسبّب، وعندئذ لا يكفي التعدّد الاعتباريّ، فلا يمكن أن يكون الشيء علّة لنفسه ولو باختلاف الحيثيّة الاعتباريّة.

والدالّ والمدلول من هذا القبيل، فالأوّل علّة، والثاني معلول في عالم وجودهما (وإن كان وجودهما وجوداً ذهنيّاً) ولا معنى لكون الشيء علّة لنفسه.

الوجه الثاني: ما ورد في تقريرات المحقّق العراقيّ(رحمه الله) من لزوم الجمع بين اللحاظ الآليّ والاستقلاليّ؛ لأنّ المعنى يلحظ مستقلاًّ، واللفظ الدالّ عليه يلحظ فانياً في المعنى ومرآتاً له، فإذا كان المعنى هو نفس ذلك اللفظ بشخصه، كان معنى ذلك كونه ملحوظاً آليّاً ومستقلاًّ(1).

أقول: إن قلنا: إنّ الاستعمال بابه باب العلامة وذي العلامة لا باب المرآتيّة


(1) راجع نهاية الأفكار، ج 1 و 2، ص 61 بحسب طبعة جماعة المدرّسين بقم.