المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الأوّل

239

الموضوع هو النوع، فالنوع يوجد بوجود فرده، وقد أوجد الفرد، فبالتالي قد أوجد الموضوع بنفسه، فلا معنى للتمسّك بالوسيلة الحكائيّة، وإذا كان هو الصنف أو المثل، كما في قولنا: «زيد في ضرب زيد» فاعل، فالصنف أو المثل عبارة عن الجامع المقيّد بصنف أو بمثل، والجامع أوجده بنفسه، والتقييد بصنف أو بمثل دلّ عليه الحرف.

وقد ظهر ممّا ذكرناه في المقام الأوّل: أنّ هذا الكلام غير معقول؛ فإنّه وإن أوجد الكلام بإيجاد فرده، لكنّه لا يمكن أن يحصل على صورة الكلّيّ في الذهن، إلاّ بنحو مواز لما اُوجده خارجاً، وقد اُوجد الكلّيّ خارجاً في ضمن الفرد، ومحدّداًبحدّه، فكذلك في الذهن إنّما توجد الصورة الذهنيّة للطبيعة المتخصّصة بخصوصيّة الفرد، ويكون وجود الطبيعة وجوداً تحليليّاً، فلم نحصل على موضوع القضيّة وهوالنوع، أمّا لو جعلناه مقدّمة إعداديّة لانتقال الذهن إلى الكلّيّ على سعته، فهذا بابه باب الحكاية.

ومنه يظهر بطلان ما قيل في الصنف والمثل أيضاً، من (أنّ الموضوع هو الجامع المقيّد، وأصله اُوجد بنفسه وتقييده دلّ عليه الحرف)، فإنّ أصل الجامع إنّما اُوجد في ضمن الفرد وأمّا التقييد فنسأل: هل المقصود بذلك تقييد الوجود الخارجيّ الذي أوجدناه، أو المقصود تقييد ذلك الكلّيّ الذي صار الجزئيّ مقدّمة إعداديّة للانتقال إليه؟ فإن كان المقصود هو الأوّل، فهو غير معقول؛ لأنّ ما أوجدناه جزئيّ حقيقيّ خارجيّ لا يقبل التحصيص؛ فإنّ التحصيص شأن المفهوم، لا شأن الجزئيّ الحقيقيّ الخارجيّ، وإن كان المقصود هو الثاني، رجعنا مرّة اُخرى إلى الانتقال من صورة الفرد إلى صورة الكلّيّ الذي بابه باب الحكاية، لا باب الإيجاد.

فظهر: أنّ ذكر اللفظ وإرادة نوعه أو صنفه أو مثله ليس بابه باب الإيجاد، وإنّما بابه باب الاستعمال، والمصحّح له العلاقة الطبعيّة بين الفرد ونوعه، أو صنفه أو مثله.