المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الأوّل

211

واحداً في عالم الذهن، وهو وجود لمركّب تحليليّ أحد أجزاء ماهيته التحليليّة هو النسبة، وقد مضى البرهان على ذلك، وإذا كان كذلك استحال كون جملة «نار في الموقد» دالّة على ثلاثة معان بنحو تعدّد الدالّ والمدلول؛ لأنّ هذا معناه وجود ثلاثة انتقالات ذهنيّة بعدد كلمات الجملة، مع أنّنا برهنّا على أنّ هناك لحاظاً واحداً في الذهن، ومعنىً واحداً في ذاك الصقع وإن تعدّدت أجزاؤه التحليليّة، وانتقالاً واحداً للذهن، فكيف يعقل أن تكون كلمة «في» بنفسها في هذه الجملة تعطي معنىً، وكلمة «نار» تعطي معنىً آخر، وكلمة «الموقد» تعطي معنىً ثالثاً؟! فالصحيح: أنّ هناك دلالة تصوّريّة واحدة لمجموع «نار في الموقد»، فوضع الحرف في النسب التحليليّة وضع ضمنيّ، كما أنّ مدلوله ضمنيّ تحليليّ، وعليه يقع الكلام في هذه الجملة والمعنى الوحداني: هل هذا بنحو الوضع العامّ والموضوع له الخاصّ، أو لا؟ وطبعاً من الواضح: أنّ الأمر كذلك، فإنّ الواضع بعد أن وضع كلمة «النار» لمعناها، وكلمة «الموقد» لمعناها، ووضع كلمة «رجل» لمعناها، وكلمة «الحديقة» لمعناها، وهكذا جاء إلى جملة «نار في الموقد»، وجملة «رجل في الحديقة»، ونحو ذلك، فوضعها لتلك الحصص، وهو لم يتصوّر تمام هذه الجمل، بل أشار إليها إجمالاً. فالوضع عامّ لكنّه وضع لواقع الحصص، فالموضوع له خاصّ.

نعم لو أخذنا جملة واحدة معيّنة من قبيل: «نار في الموقد» فليس معناها خاصّاً بلحاظ أفراد هذا المعنى؛ فإنّ هذه الجملة تعطي حصّة خاصّة من المفهوم الاسميّ الذي يتصوّر فيه الجامع، وليست من قبيل الحروف التي تدلّ على النسب الواقعيّة، فالموضوع له بلحاظ هذه الأفراد عامّ، وإن كان خاصّاً بلحاظ أفراد كلّيّ المحصّص بالنسبة الظرفيّة مثلاً، أي: أنّه وضع بوضع واحد «نار في الموقد»