المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الأوّل

208

قلت: مقصودنا من ذلك: أنّ مجموع الوجود الخارجيّ للمنبّه مع تلك الهيئة تعاونا في إعطاء ذاك الشيء الواحد إلى الذهن، لا أنّ كلّ واحد منهما أوجد حقيقة جزءاً مستقلاًّ من ذاك الشيء، حتّى يقال: إنّه لا يعقل ذلك.

هذا، ولا ضير في افتراض كون الحكاية عن توجّه واقع المنبّه إلى زيد، بمعنى إعطاء صورة ذلك إلى الذهن عن طريق إيجاد واقع المنبّه، ونسبته بالوجود الحكائيّ إلى زيد موجدة لواقع ذي الصورة، أي: أنّه يتحقّق بذلك واقعاً تنبيه زيد، من قبيل إيجاد بعض الحالات النفسيّة في شخص عن طريق الإيجاد بوجودها فيه.

فإن قلت: إذا كانت هذه النسبة ناقصة، فلماذا نرى أنّ «يا زيد» جملة تامّة يصحّ السكوت عليها؟

قلت: إنّها ليست جملة تامّة بمعنى أنّها أوجدت نسبة بين شيئين مستقلّين كافيين في إيجاد تلك النسبة، وصحّ سكوت المخاطب على تلك النسبة على حدّ تماميّة «زيد قائم» مثلاً. نعم، هي تامّة بمعنى أنّه كان المقصود إيجاد تنبيه زيد خارجاً وقد وجد هذا التنبيه، فليست هناك حالة انتظاريّة من ناحية التنبيه، فيرجع زيد متوجّهاً إلى المنادي، لكي يسمع ما يريد أن يقوله له(1).

هذا تمام الكلام في حقيقة المعنى الحرفيّ ومعنى هيئات الجمل.


(1) يمكن افتراض كون حرف النداء موضوعاً لنسبة ندائيّة، أو دعوتيّة، أونوع من النسبة الطلبيّة تختلف عن التنبيه التكوينيّ، وتكون هذه النسبة مولدهاالأصليّ الذهن، فهي نسبة تامّة، أحد طرفيها الداعي باعتباره حاضراً لدى نفسه، والثاني المدعوّ باعتبار حضور صورته لدى نفس الداعي، شبيهاً بما شرحناه في النسبة الاستفهاميّة.