المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الأوّل

200

وقد برهنّا فيما سبق على أنّ النسب التي لها موطن أصليّ وراء عالم اللحاظ لا يمكن أن تكون واقعيّة وتامّة. وإن فرضت نسبة تحليليّة وناقصة، فهذا أيضاً غير معقول؛ وذلك لأنّ طرفي النسبة التحليليّة مع نفس النسبة تكون وجوداً واحداً، تنحلّ ماهيته إلى هذه الأجزاء الثلاثة، كما عرفت، وذاك الوجود الواحد هو المقيّد أو الحصّة، وأجزاؤه الثلاثة عبارة عن ذات المقيّد والقيد والتقيّد، وعندئذ: إمّا أن يفرض أنّ النسبة الموجودة بين زيد وعالم في مثل «هل زيد عالم؟» هو المقيّد، والطرف الآخر الذي هو معنىً اسميّ، وهو الاستفهام أو المستفهِم هو القيد، أو يفرض العكس. والأوّل غير معقول؛ لأنّ هذا الوجود الوحدانيّ المعبّر عنه بالمقيّد أو الحصّة: إن كان وجوداً ربطيّاً واندكاكيّاً، فلا يمكن أن يكون المفهوم الاسميّ جزءاً من ماهيته، وإن كان وجوداً استقلاليّاً، فهو خلف كونه وجود للنسبة. والثاني يستلزم كون «هل زيد عالم؟» كلاماً ناقصاً، لا يصحّ السكوت عليه؛ لأنّ النسبة


مفروغ عنها، ويتعلّق السؤال بتعيين أحد الفردين من النسبتين التصادقيّتين.

ويصعب توجيه ذلك بافتراض النسبة التصادقيّة في وعاء الاستفهام، إلاّ بإرجاع ذلك إلى سؤالين كالتالي: هل زيد قائم؟ هل عمرو قائم؟ في حين أنّه من الواضح: أنّ هذا السؤال ليس منحلاًّ إلى سؤالين، بل هو سؤال واحد فرضت فيه أصل النسبة التصادقيّة في وعاء التحقّق مثلاً مفروغاً عنها، وتعلّق السؤال بتعيين إحدى المفردتين من تلك النسبة.

وأوضح من ذلك في عدم الانحلال مثل قولنا: «مَن القائم؟» حيث دُمج طرف النسبة التصادقيّة مع الاستفهام في كلمة واحدة وهي «مَن».

أمّا توجيه: أنّ كلمة واحدة، وهي كلمة «مَن» كيف دلّت على معنىً اسميّ ومعنىً حرفيّ في وقت واحد؟ فيكون بالافتراض التالي:

وهو: أنّ كلمة «مَن» الاستفهاميّة وضعت للمعنى الاسميّ المتّصف بوقوعه طرفاً لنسبة مستفهم عن تعيينها، فدلّت بالملازمة على تلك النسبة.