المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الأوّل

199


وإن كان المقصود: أنّه في موارد تصوير الذهن يكون ذو الصورة الخارجيّ متعدّداً حقيقة، وبما أنّ الذهن يرى الصورة المنطبعة فيها من الخارج خارجيّة، فلهذا يراها متعدّدة، ويخلق النسبة فيما بينها، قلنا: إنّنا إمّا أن ننقل الكلام إلى الصور المتعدّدة التي يصوّرها الذهن من النفس التي لا شكّ في بساطتها، من قبيل ما لو انتزع الذهن في النفس صورة أنا، وقال: أنا محبّ لعليّ بن أبي طالب(عليه السلام)، في حين أنّ صفة حبّه لعليّ بن أبي طالب(عليه السلام) متّحدة مع النفس فلسفيّاً، وإمّا أن نقول في جميع موارد النسب التصادقيّة التي تكون بمعنى انطباق عناوين متعدّدة على معنون واحد خارجاً، كما في «زيد قائم»: إنّ الصور برغم تعدّدها بمعنىً من المعاني منتزعة من أمر خارجيّ واحد، وفي الخارج لا يوجد التعدّد بينهما، بل يوجد الاتّحاد، فرجعنا مرّة اُخرى إلى كثرة الصور في عين الاتّحاد مع الذهن وبساطة الذهن.

ثُمّ إنّ الذي رجّحناه في المقام من كون مثل: «هل زيد قائم» مشتملاً على نسبتين: نسبة تصادقيّة في مدخول «هل»، ونسبة استفهاميّة تامّة بين المستفهِم والنسبة المستفهم عنها أولى ممّا رجّحه اُستاذنا الشهيد(رحمه الله) من اشتماله على نسبة واحدة، وهي النسبة التصادقيّة في وعاء الاستفهام؛ وذلك لما نحسّ به بالوجدان من أنّ حالة الاستفهام، أو التمنّي، أو الترجّي تتعلّق بالنسبة التصادقيّة، فهي في طول النسبة التصادقيّة، لا أنّها أوعية لتلك النسبة، وقصد الحكاية أيضاً يتعلّق بالنسبة التصادقيّة، فكأنّما الواضع وضع أدوات الاستفهام والتمنّي والترجّي لدلالة تصوّريّة على تلك الحالات أو النسب، واستغنى بذلك عن وضع شيء للدلالة التصوّريّة على قصد الحكاية، فبقيت دلالة الجملة الخبريّة على قصد الحكاية متمحّضة في مستوى التصديق.

وما ندّعيه من دلالة الوجدان على الطوليّة بين الاستفهام والنسبة التصادقيّة يكون أوضح جلاءً فيما يسمّى بالاستفهام التصوّريّ الذي يكون جوابه بتعيين الفرد، لا بنعم أو لا، كما في قولنا: «أزيد قائم أم عمرو»؛ إذ من الواضح هنا: أنّ أصل النسبة التصادقيّة ←