المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الأوّل

192

وهذا الكلام حينما يصدر عن إنسان عاقل مختار لابدّ أن يكون في نفسه شيء دفعه إلى إيجاد هذه الدلالة التصوّريّة، فإن كان هو قصد الإخبار، صار خبراً، وإن كان هو اعتبار وقوع الطلاق، صار إنشاءً.

وأمّا القسم الثاني ـ وهو الجمل التي تختصّ بالإنشاء ـ: فلنشرح الكلام فيه بالحديث عن مثل «هل زيد عالم؟»، فنقول: إنّ مدخول «هل» وهو «زيد عالم» قد عرفت أنّ مدلوله التصوّريّ الوضعيّ هو النسبة التصادقيّة التامّة. وأمّا مدلول «هل» فطبعاً ليس هو مفهوم الاستفهام، فإنّه مفهوم اسميّ استقلاليّ، ولكن لا إشكال في أنّه يُفهم الاستفهام من الكلام، فكيف نتصوّر هذا الاستفهام؟

هناك وجهان لتفسير مفاد أداة الاستفهام بنحو ينسجم مع مسلك المشهور، نذكرهما تباعاً بعد إلفات النظر إلى أنّ حالة الاستفهام لها أركان ثلاثة: المستفهِم، والمستفهَم عنه، ونفس الاستفهام:

الوجه الأوّل: ما ذكره المحقّق العراقيّ(رحمه الله) من أنّ مفاد أداة الاستفهام(1) هو نسبة بين الاستفهام والنسبة الموجودة بين زيد وعالم، والطرف الثاني مذكور في الكلام. وأمّا الطرف الأوّل وهو الاستفهام فمأخوذ قيداً في نفس مدلول «هل»، أي: أنّ «هل» تدلّ على نسبة الاستفهام، فمدلولها المطابقيّ هو النسبة، وهي مقيّدة


(1) راجع المقالات، ج 1، ص 99 ـ 100 بحسب طبعة مجمع الفكر الإسلاميّ، والحديث في الكتاب وارد عن حروف التمنّي والترجّي، ولكنهما مع الاستفهام فيما هو محل الكلام من واد واحد.

وعلى أيّ حال، فالعبارة غير دالّة على ما نسب إليه اُستاذنا(رحمه الله) في المقام.

وعلى كلّ حال، نقول: لو كان هذا مقصوداً للمحقّق العراقيّ(رحمه الله) يرد عليه: أنّ مفهوم الاستفهام مفهوم اسميّ منتزع في طول تحقّق النسبة الاستفهاميّة، فلا معنى لفرضه طرفاً لتلك النسبة.