المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الأوّل

191

الخبريّة عنده من حيث إنّها موضوعة لأمر نفسانيّ تدلّ عليه دلالة تصديقيّة، وإنّما الفرق في ذلك الأمر النفسانيّ. فالجملة الخبريّة موضوعة لإبراز قصد الحكاية، والجملة الاستفهاميّة كـ «هل زيد عالم» موضوعة لإبراز أمر نفسانيّ آخر، وهو طلب الفهم، أي: أنّها تكشف عن فرد جزئيّ من طلب الفهم قائم في نفس المتكلّم، وجملة التمنّي مثل «ليت النبيّ(صلى الله عليه وآله) حيّاً» موضوعة لإبراز أمر نفسانيّ ثالث، وهو التمنّي، فتدلّ على وجود تمنّ جزئيّ في نفس المتكلّم ... وهكذا.

وهذه الدلالات التصديقيّة من إبراز قصد الحكاية في الخبر، وطلب الفهم، أو التمنّي، أو غير ذلك في الإنشاء كلّها مقبولة عندنا وعند المشهور، لكنّها ليست وضعيّة، بل ناشئة من قرائن سياقيّة، وظهور حال المتكلّم، وما يكشفه من ملابسات؛ لما عرفت بالبرهان من أنّه لا يمكن أن يكون الوضع وافياً بالدلالات التصديقيّة، فلابدّ في مرتبة سابقة على هذه الدلالات التصديقيّة من تصوّر دلالة تصوّريّة لتكون هي المدلول الوضعيّ، وهي محفوظة حتّى لو سمع اللفظ من اصطكاك حجرين، فبهذا تعيّن المصير إلى مسلك المشهور.

وتحقيق الحال في المقام: أنّ الجمل الإنشائيّة تنقسم إلى قسمين:

إحداهما: ما تكون مشتركة بين الإخبار والإنشاء، فقد تستعمل في الإخبار، واُخرى في الإنشاء، من قبيل: «أنت طالق» أو «بعتك هذا الكتاب بدينار».

والاُخرى: ما تكون متمحّضة في الإنشاء كـ «هل زيد قائم؟».

أمّا القسم الأوّل: فمدلوله التصوّريّ الوضعيّ هو عين ما شخّصناه سابقاً في الجملة الخبريّة، ولا فرق عند المشهور في المدلول التصوّريّ الوضعيّ بين «أنت طالق» الإنشائيّ و«أنت طالق» الأخباريّ. وقد حقّقنا في الإخبار أنّ مدلوله هو النسبة التامّة التصادقيّة، وأمّا الإنشائيّة والإخباريّة فهي من الدلالات التصديقيّة،