المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الأوّل

147

الكلام حاكياً عنه، فلا يكون إيجاديّاً، ولكن ذاك المعنى لا يقبل اللحاظ الاستقلاليّ، فلا يكون إخطاريّاً(1).

أقول: من البعيد جدّاً أن يكون مدّعى المحقّق النائينيّ(رحمه الله) أنّ الحرف يوجد الربط في عالم اللفظ من دون وجود أيّ ما بإزاء له غير الربط الحاصل في مرحلة الكلام، فإنّ هذا واضح البطلان إلى حدّ لا يعرف الإنسان كيف يبيّنه، وأيّ ارتباط بين الألفاظ بما هي ألفاظ؟! وكيف يغفل المحقّق النائينيّ(رحمه الله)عن بطلان مثل ذاك؟!

والمظنون: أنّ مقصوده(رحمه الله) ليس هو إيجاديّة ألفاظ الحروف، وإنّما مقصوده إيجاديّة معاني الحروف. نعم، أحياناً يعبّر بأنّ الحرف يوجد الربط في عالم الكلام، ولكن أكبر الظنّ أنّه يقصد إيجاد الربط بلحاظ مدلول الكلام، أي: بلحاظ اُفق القضيّة الذهنيّة القائمة في ذهن المتكلّم، لا بلحاظ نفس اللفظ الذي هو صوت في الهواء. ومعنى الإيجاديّة في ذلك الاُفق هو ما ذكرناها من الأركان الثلاثة، والتي أهمّها الركن الثاني، وهو: أنّ المعنى الحرفيّ ليس له تقرّر ماهويّ بقطع النظر عن عالم الوجود، فبقطع النظر عن هذا الاُفق ليست له مقوّماته الذاتيّة. وأمّا المفهوم الاسميّ فمقوّماته الذاتيّة محفوظة قبل هذا الاُفق، وتخطر في هذا الاُفق. وهذا معنىً دقيق صحيح لا يحتمل أن يرفضه نفس السيّد الاُستاذ دامت بركاته.

وأكبر الظنّ أنّه ليس مراده بالإخطاريّة قابليّة المعنى للّحاظ الاستقلاليّ، بل هي ما يقابل الإيجاديّة بالمعنى الذي عرفت، أي: أنّ المعنى الاسميّ له تقرّره ومقوّماته الذاتيّة قبل عالم الذهن، فكأنّه شيء يخطر على الذهن في مقابل


(1) راجع أجود التقريرات، ج 1، ص 18 ـ 20 تحت الخطّ بحسب طبعة (كتابفروشي مصطفوي) بقم، وراجع المحاضرات، ج 1، ص 59 فصاعداً بحسب طبعة الصدر بقم.