المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الأوّل

131

تبديل نظرة إلى مفهوم بنظرة اُخرى إليه، وليس بمعنى اندكاك شيء في شيء.

الثاني: فناء مفهوم في مفهوم، من قبيل فناء المعنى الحرفيّ في المعنى الاسميّ في قولنا: «سرت من البصرة». فالفناء هنا يكون بمعنى اندكاك معنىً في معنى، وكون أحد المفهومين ملحوظاً بالتبع وطوراً للمعنى الآخر، أي: أنّه وقع التصوّر أوّلا وبالذات على ذي الطور، فنفس الطور يكون مندكّاً وفانياً وملحوظاً تبعاً نظير أنّ من تصوّر الأبيض فقد تصوّر البياض تبعاً ومندكّاً في ضمن تصوّر الأبيض وفانياً فيه. والمحقّق الخراسانيّ(رحمه الله) إنّما يقصد بالفناء هذا المعنى الثاني، حيث يقول: المعنى الحرفيّ حالة في غيره، ويقصد بذلك: أنّه حالة في معنىً اسميّ، لا أنّه فان في المعنون؛ ولذا يشبّهه بالعرض مع موضوعه. وممّا يؤيّد ذلك أنّه فرّع في بحث مفهوم الشرط على مبناه في المعنى الحرفيّ عدم إمكان الإطلاق والتقييد في المعنى الحرفيّ؛ لأنّه آليّ ومغفول عنه، فكيف يطلق أو يقيّد. وأمّا إنّ هذا التفريع هل صحيح أو لا، فسيأتي في محلّه ـ إن شاء الله ـ وإنّما المقصود هنا أنّ هذا التفريع شاهد على إرادة فناء مفهوم في مفهوم، لا فناء العنوان في الخارج؛ إذ من الواضح إمكان الإطلاق والتقييد فيه وعدم الغفلة عن العنوان، غاية الأمر أنّه التفت إليه بالنظر التصوّريّ لا التصديقيّ.

الإشكال الرابع: ما ذكره السيّد الاُستاذ ـ دامت بركاته ـ أيضاً في تعليقته من النقض بالمصادر(1). وتوضيح ذلك: أنّ الأصحاب ـ ومنهم السيّد الاُستاذ ـ قد ذكروا: أنّ الفرق بين المصدر واسم المصدر هو: أنّ اسم المصدر يدلّ على ذات الحدث بما هو هو، والمصدر يدلّ على الحدث بما هي حالة في الفاعل أو المفعول.


(1) راجع أجود التقريرات، ج 1، ص 16 تحت الخطّ.