المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الأوّل

125

لا يمكن أن يكون له لحاظان، أي: وجودان ذهنيّان: آليّ واستقلاليّ حتّى يقال: إنّه متى ما كان استقلاليّاً عبّر عنه بالاسم، وهو الابتداء، ومتى ما كان آليّاً عبّر عنه بمن؛ وذلك لأنّ الوجود الذهنيّ لشيء يجب أن يكون مطابقاً للوجود الخارجيّ له، والمعنى الحرفيّ وهو النسبة كالنسبة الابتدائيّة مثلاً ليس له في الخارج نحوان من الوجود، وإنّما يوجد في الخارج دائماً بالوجود الفاني والمندكّ، وليس له في الخارج وجود استقلاليّ، فيجب أن يكون وجوده في الذهن أيضاً آليّاً وفانياً دائماً(1).

 


(1) راجع نهاية الدراية، ج 1، ص 23 بحسب طبعة مطبعة الطباطبائيّ في قم.

وأقول: لا يخفى أنّ صدر عبارة الشيخ الإصفهانيّ(رحمه الله) وإن كان يوهم ما نقله عنه اُستاذنا الشهيد (رضوان الله عليه) هنا من مجرّد التمسّك بأنّ النسبة ليس لها نحوان من الوجود في الخارج، فكذلك لا يمكن أن يكون لها نحوان من الوجود في الذهن؛ ولذا نقض عليه ـ رضوان الله عليهما ـ بالعرض الذي له نحو واحد من الوجود في الخارج، وهو الوجود في المحلّ، في حين أنّ له نحوين من الوجود في الذهن، وهما الوجود في المحلّ والوجود الاستقلاليّ، وذكر: أنّه لا برهان على ضرورة تماثل أنحاء الوجود الذهنيّ تماماً لأنحاء الوجود الخارجيّ، ولكن مراجعة تمام عبارة الشيخ الإصفهانيّ(رحمه الله)تُثبت بوضوح أنّ مقصوده لم يكن هو هذا التقريب الساذج، وهو ملتفت إلى الفرق بين النسبة والعرض. وحاصل مقصوده في المقام هو: أنّ العرض إنّما يكون بحاجة إلى المحلّ في وجوده الخارجيّ لا في ماهيته وهويّته، فالعرض كالبياض مثلاً مستقلّ في الهويّة والماهية عن الجسم الأبيض، ولكنّه مفتقر إليه في وجوده الخارجيّ وهذا الافتقار كان مخصوصاً بالوجود الخارجيّ، ولم يشمل الوجود الذهنيّ، فأمكن وجوده في الذهن مستقلاًّ. وبكلمة اُخرى: أنّ العرض له وجود نفسيّ في الخارج كالعين، بفرق: أنّ العين لها وجود في نفسه لنفسه، ولكن العرض له وجود في نفسه لغيره. وأمّا النسبة فليس لها وجود نفسي في الخارج أصلا، وإلاّ لم يكن ثبوت شيء لشيء، بل ثبوت أشياء ثلاثة، فتحتاج