المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الأوّل

110

وقت واحد، فالزئير مثلاً عند الكلّ صار دالاّ على الأسد، وأخذوا يصوّتون كصوت الزئير للدلالة على الأسد، وللدلالة على الشجاعة التي هي من ملازمات الأسد، وهكذا إلى أن تمّت لغة مختصرة من هذا القبيل، بحيث أمكن تولّد السيادة ومفهوم الأكبر والأصغر ونحو ذلك فيما بينهم، فاستطاعوا وضع اللغة بانتظام بأن يضع شخص ويتبعه الآخرون. وتعدّد اللغات نشأ من اختلاف الجوّ والبيئة والعوامل الطبيعيّة والفسيولوجيّة والهواء والمناخ وما إلى ذلك من قبيل الاختلاف في اللهجات مثلاً، والاختلافات تتجمّع فتوجد لغات متعدّدة.

وقد تحصّل من كلّ ما ذكرناه: أنّه لا استبعاد في فرض الواضع هو البشر.

ولكن لا استبعاد أيضاً في كون الواضع الأوّل هو الله تعالى ﴿وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاءَ كُلَّهَا﴾(1)، وبعد اللغة الاُولى كفّ عن الإلهام، وبعد ذلك أخذ الناس يشعّبونها ويطوّرونها ويوسّعونها، فهذه الفرضيّة أيضاً لا دليل على خلافها بل يقتضيها الذوق الدينيّ.

 


(1) سورة البقرة، الآية: 31. وقد يشهد لذلك أيضاً قوله: ﴿عَلَّمَهُ الْبَيَانَ﴾ سورة الرحمن، الآية: 4.