المولفات

المؤلفات > مفاهيم تربوية في قصّة يوسف

84

الله الواحد القهّار خير من أرباب متفرّقين:

يبدو أنّهم كانوا مؤمنين بالله، وإنّما كانوا يعبدون الأصنام ليقرّبوهم إلى الله زلفى، ولهذا احتجّ يوسف عليهم باحتجاجين:

الأوّل: أنّ مَن تؤمنون به مِن الإله الواحد القهّار تكون عبادته رمزاً للوحدة، وشدّاً للجمع بعضهم ببعض، في حين أنّ عبادة الأصنام تكون رمزاً للفرقة، و سبباً للتشتيت والاختلاف ﴿أَأَرْبَابٌ مُّتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ﴾.

والثاني: أنّ الأصنام إن هي إلاّ من صنعكم، وتسميتكم إيّاها بالآلهة إن هي إلاّ بجعلكم وافتراضكم، فإن كنتم ترون ربوبيّتها ذاتيّة، فكيف يمكن ذلك فيما صنعتموه و سمّيتموه؟! ﴿مَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِهِإلاَّ أَسْماء سَمَّيْتُمُوهَا﴾ وإن كنتم ترون أنّ ربوبيّتها مجعولة من قبل الله


وتصريحه بأنّ ربّه علّمه تأويل الأحاديث لعلّه من إطلاق الظنّ علىمطلق الاعتقاد، وله نظائر في القرآن كقوله تعالى: ﴿الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلاَقُو رَبِّهِمْ﴾البقرة (46). وقوله: ﴿فَأَنسَاهُ الشَّيْطَانُ ذِكْرَ رَبِّهِ...﴾الضميران راجعان إلى الذي، أي: فأنسى الشيطان صاحبه الناجي أن يذكره لربّه، أو عند ربّه، فلبث يوسف في السجن بضع سنين، والبضع ما دون العشرة.