المولفات

المؤلفات > مفاهيم تربوية في قصّة يوسف

81


سكناها وهكذا، فتبيّن: أنّ قوله(عليه السلام): ﴿أَأَرْبَابٌ مُّتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ﴾مسوق لبيان الحجّة على تعيّنه تعالى للعبادة إذا فرض تردّد الأمر بينه وبين سائر الأرباب التي تدعى من دون الله، لا لبيان أنّه تعالى هو الحقّ الموجود دون غيره من الأرباب، أو أنّه تعالى هو الإله الذي تنتهي إليه الأشياء بدءاً وعوداً دونها، أو غير ذلك؛ فإنّ الشيء إنّما يسمّى خيراً من جهة طلبه وتعيينه بالأخذ به بنحو. ثُمّ إنّه(عليه السلام)سمّى آلهتهم أرباباً متفرّقين لأنّهم كانوا يعبدون الملائكة، وهم عندهم صفات الله سبحانه، أو تعيّنات ذاته المقدّسة التي تستند إليها جهات الخير والسعادة في العالم. ﴿أَمِ اللّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ﴾أي: إنّه تعالى واحد، لكن لا واحد عدديّ إذا اُضيف إليه آخر صار اثنين، بل واحد لا يمكن أن يفرض قباله ذات إلاّ وهي موجودة به لا بنفسها، ولا أن يفرض قباله صفة له إلاّ وهي عينه، وإلاّ صارت باطلة، كلّ ذلك لأنّه غير محدود بحدّ، ولا منته إلى نهاية، وتبطل بذلك أيّ تفرقة مفروضة بين الذات والصفات.

﴿مَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِهِ إلاَّ أسْماءً سَمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ وَآبَآؤُكُم...﴾بدأ(عليه السلام)بخطاب صاحبيه في السجن أوّلا، ثُمّ عمّم الخطاب للجميع؛ لأنّ الحكم مشترك بينهما وبين غيرهما من عبدة الأوثان، ونفى العبادة إلاّ عن الأسماء