المولفات

المؤلفات > مفاهيم تربوية في قصّة يوسف

72

مكر امرأة العزيز لدفع اللوم عنها:

قوله: ﴿مُتَّكَأً﴾ قرئ (متْكاً) أي: اُترجّة(1)، كما قرئ (متّكأً)، فإنّهم كانوا يتّكئون للطعام والشراب تترّفاً، فالنتيجة على كلا التقديرين: أنّها أعتدت لهنّ ما يقطّع بالسكّين، وآتت كلّ واحدة منهنّ سكّيناً، حتّى إذا ذهلن برؤية يوسف قطّعن أيديهنّ بدلاً من قطع الطعام الذي هو اُترجّة أو غيرها. وهذا أكبر مكر مكرته امرأة العزيز.

وعلى أيّة حال، فتلك النسوة لاحظن في يوسف(عليه السلام) سيماء الحياء والطُهر، و وقار التقوى والورع، وجمال الصورة والهيئة الذي أدّى إلى تقطيع أيديهنّ، فقلن: ﴿حَاشَ لِلّهِ مَا هَـذَا بَشَراً إِنْ هَـذَا إلاَّ مَلَكٌ كَرِيمٌ﴾ وبذلك استطاعت زليخا أن تثبت لهنّ أنّ لها الحقّ في ابتلائها بتعشّق يوسف، وقالت: ﴿فَذَلِكُنَّ الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ﴾ واعترفت بذنبها حين رأت أنّ زوجها لم يكترث لذلك بأكثر من أنّه قال: ﴿اسْتَغْفِرِي لِذَنبِكِ﴾فقالت: ﴿وَلَقَدْ رَاوَدتُّهُ عَن نَّفْسِهِ فَاسَتَعْصَمَ وَلَئِن لَّمْ يَفْعَلْ مَا آمُرُهُ لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُوناً مِّنَ الصَّاغِرِينَ﴾ وهذا الكلام شاهد على أنّ التعشّق الجنسيّ ليس حبّاً حقيقيّاً للمعشوق، وإنّما هو حبّ حقيقيّ لنفس العاشق؛ إذ لو كان حبّاً للمعشوق لما استعدّ العاشق لإيذاء



(1) رواه في كنز الدقائق، ج 6، ص 302 عن تفسير عليّ بن إبراهيم.