المولفات

المؤلفات > مفاهيم تربوية في قصّة يوسف

71

 

 


بالمراودة، وذكرت لهنّ أنّها راودته، لكنّه أخذ بالعفّة وطلب العصمة،وإنّما استرسلت وأظهرت لهنّ ما لم تزل تخفيه لمّا رأت موافقة القلوبعلى التولّه فيه، فبثّت الشكوى لهنّ، ونبّهت يوسف على أنّها غير تاركة له، فليوطّن نفسه على طاعتها فيما تأمر به، وهذا معنى قولها: ﴿وَلَقَدْ رَاوَدتُّهُ عَن نَّفْسِهِ فَاسَتَعْصَمَ﴾ثُمّ ذكرت لهنّ ما عزمت عليه من إجباره على الموافقة، فقالت: ﴿وَلَئِن لَّمْ يَفْعَلْ مَا آمُرُهُ لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُوناً مِّنَ الصَّاغِرِينَ﴾ أي: ولو رفض فليوطّن نفسه على السجن بعد الراحة، والصغار والهوان بعد الإكرام والاحترام.

﴿قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ... أَصْبُ إِلَيْهِنَّ﴾ صبا فلان يصبو صبواً وصبوةً إذا نزع واشتاق، وفعل فعل الصبيان. قال يوسف(عليه السلام) ـ بعد أن استرسل النسوة في بثّ ما في ضمائرهنّ ويوسف(عليه السلام) واقف أمامهنّ يدعونه ويراودنه عن نفسه ـ: ربّ السجن أحبّ إليّ ممّا يدعونني إليه؛ فإنّي لو خيّرت بين السجن وبين ما يدعونني إليه، لاخترت السجن على غيره، وأسألك أن تصرف عنّي كيدهنّ؛ فإنّك إن لا تصرف عنّي كيدهنّ، أشتق وأمل إليهنّ، وأكن من الجاهلين، وأقع في مهلكة الصبوة والهوى.

﴿فَاسْتَجَابَ لَهُ رَبُّهُ﴾أي: استجاب الله مسألته في صرف كيدهنّ عنه حين قال: ﴿وَإِلاَّ تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ﴾.