المولفات

المؤلفات > مفاهيم تربوية في قصّة يوسف

56

ما المقصود بالربّ؟

إنّ أحد الاحتمالين في كلمة: ﴿إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ﴾ هو: أنّ المقصود بالربّ عزيز مصر، فهو يقول: إنّ زوجكِ قد أحسن مثواي،


﴿أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْم﴾الجاثية: (23)، وقال: ﴿وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنفُسُهُمْ﴾النمل: (14). فالبرهان الذي أراه به ـ وهو الذي يريه الله عباده المخلصين ـ نوع من العلم المكشوف واليقين المشهود، تطيعه النفس الإنسانيّة طاعة لا تميل معها إلى معصية أصلاً. وقوله: ﴿كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ﴾اللام في ﴿لِنَصْرِفَ﴾ للغاية أو التعليل، والمآل واحد. و ﴿كَذَلِكَ﴾متعلّق بقوله: ﴿لِنَصْرِفَ﴾ والإشارة إلى ما ذكر من رؤية برهان ربّه. والسوء: هو الذي يسوء صدوره عن العبد بما هو عبد، وهو مطلق المعصية أو الهمّ بها. والفحشاء: هو ارتكاب الأعمال الشنيعة كالزنا. والمعنى: الغاية أو السبب في أن رأى برهان ربّه هي أن نصرفعنه الفحشاء والهمّ بها. والمخلَصون هم الذين أخلصهم الله لنفسه، فلا يشاركه فيهم شيء، فلا يطيعون غيره من تسويل شيطان أو تزيين نفس. وقوله: ﴿إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الُْمخْلَصِينَ﴾في مقام التعليل لقوله: ﴿كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ...﴾والمعنى: عاملنا يوسف كذلك؛ لأنّه من عبادنا المخلَصين، وهم يعاملون هذه المعاملة.