المولفات

المؤلفات > مفاهيم تربوية في قصّة يوسف

52

وسنبيّن دليلنا الثاني على ذلك لدى شرحنا لتلك الآية إن شاء الله.

أمّا بيان هذا الدليل الذي نحن بصدده الآن، فهو: أنّنا لنفترض ـ على خلاف معتقدنا نحن الشيعة ـ أنّه يحتمل صدور الهمّ بالمعصية عن النبيّ قبل نبوّته، لكنّنا نقول: ينبغي أن يعتبر عدم احتمال ذلك بعد النبوّة من القضايا التي تكون قياساتها معها؛ لأنّ وحي النبوّة هو أقصى ارتباط بالله سبحانه و تعالى الموجب لاكتناه عظمة الربّ بالمقدار الممكن للإنسان المخلوق، ويكون ذلك مانعاً قطعيّاً عن المعصية، فكيف يمكن لمن انمحى في عظمة الله جلّ جلاله وحَسُنَ جماله أن تخطر بباله معصيته فضلاً عن أن يهمّ بها؟! هذا من ناحية.

ومن ناحية اُخرى: أنّ الاتّصال بالله سبحانه و تعالى على مستوى النبوّة يوجب اكتشاف حقيقة المعصية، وإدراك خسّتها وحقيقتها الدنيئة، وواقعيّتها القذرة.

وقد ذكرنا في كتابنا اُصول الدين(1) ما نقل عن بعض عوام الشيعة الذي كان يتكلّم بفطرته: من أنّه قيل له: كيف تقولون: إنّ أ ئمتّنا لم يكن يخطر ببالهم المعصية، فلنقبل منكم أنّهم لم يكونوا يعصون، ولكن ما هذه المبالغة بالقول بعدم خطور المعصية في أذهانهم؟! فأجاب الشيعيّ



(1) ص 166 ـ 167.