المولفات

المؤلفات > مفاهيم تربوية في قصّة يوسف

29

إرادة الله فوق أيّ إرادة:

وكيف لا يكون في يوسف وإخوته آيات للسائلين، في حين أنّ فئة قويّة خطّطوا ضدّ أخ صغير ضعيف لهم، وهو أصغرهم وأضعفهم، وذلك أدّى إلى إيصال ذاك الأخ إلى إجلاسه على سرير القدرة والعظمة والسلطنة؛ لكي يسجدوا أمامه، ويصبح هو المكين الأمين في بقعة كبيرة من الأرض.

 


قولهم: ﴿وَتَكُونُوا مِن بَعْدِهِ قَوْماً صَالِحِينَ﴾.

﴿اقْتُلُوا يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضاً...﴾اقتلوا يوسف حكاية لأحد الرأيين منهم في أمره. و ﴿أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضاً﴾ حكاية رأيهم الثاني فيه. والمعنى: غرّبوه في أرض لا يقدر معه على العود إلى بيت أبيه، كإلقائه في بئر أو تغريبه إلى مكان ناء. ﴿يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ﴾أي: افعلوا به أحد الأمرين حتّى يخلو لكم وجه أبيكم، وهو كناية عن خلوص حبّه لهم بارتفاع المانع الذي يجلب الحبّ والعطف إلى نفسه، كأنّهم ويوسف إذا اجتمعوا بأبيهم، حال يوسف بينه وبينهم، وصرف وجهه إلى نفسه، فإذا ارتفع خلا وجه أبيهم لهم، واختصّ حبّه بهم، وانحصر إقباله عليهم. ﴿وَتَكُونُوا مِن بَعْدِهِ قَوْماً صَالِحِينَ﴾أي: وتكونوا من بعد يوسف، أو من بعد قتله، أو نفيه قوماً صالحين بالتوبة من هذه المعصية.