المولفات

المؤلفات > مفاهيم تربوية في قصّة يوسف

22


بذكر هذه الرؤيا التي أراها له، وهي بشرى له، تمثّل له ما سيناله من الولاية الإلهيّة، ويخصّ به من اجتباء الله إيّاه وتعليمه تأويل الأحاديث وإتمام نعمته عليه.

﴿يَا بُنَيَّ لاَ تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكيدُوا لَكَ كَيْداً﴾ الكيد: ضرب من الاحتيال، والآية تدلّ على أنّ يعقوب(عليه السلام) لمّا سمع ما قصّه عليه يوسف(عليه السلام) من الرؤيا، أيقن بما تدلّ عليه: من أنّ يوسف(عليه السلام) سيتولّى الله أمره، ويرفع قدره، ويسنده إلى أريكة المُلك، فأشفق على يوسف(عليه السلام)، وخاف من إخوته عليه وهم عصبة أقوياء أن لو سمعوا الرؤيا حملهم الكبر والأنفة أن يحسدوه، فيكيدوا له كيداً. ثُمّ إنّ لكيدهم سبباً آخر، وهو: الشيطان الذي هو عدوّ للإنسان مبين، يحمل الإنسان بوسوسته على أن يخرج من الصراط المستقيم.

﴿وَكَذلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ مِن تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ﴾الاجتباء: اختيار معالي الاُمور للمجتبى، مثل ما اختاره الله تعالى ليوسف(عليه السلام) من الخصال الكريمة والاُمور السنيّة. وأصله من جبيت الشيء: إذا أخلصته لنفسك. وتأويل الأحاديث يعني: تأويل أحاديث الناس عمّا يرونه في منامهم. وإتمام النعمة هو: التعقيب برفع سائر نواقص الحياة السعيدة، وضمّ الدنيا إلى الآخرة، أي: إنّ الله أنعم عليكم ما تسعدون به في