المولفات

المؤلفات > مفاهيم تربوية في قصّة يوسف

17

لهم ذلك الكتاب من اختلافهم ولغطهم».

أقول: قد يأوّل هذا التعبير أحدٌ أو يعتذر عنه، فيقول: ليس معنى «غلب عليه الوجع» أنّه يهجر، بل معناه: أنّ النبيّ يصعب عليه تحضير الكتابة؛ لأنّه غلب عليه الوجع، وحسبنا كتاب الله، فاتركوه.

ولكن من حسن الحظّ أنّه ورد في نفس صحيح مسلم ما يفسّر اللغَط الذي كان بين الأصحاب بنسبة الهُجر، فقد ورد في نفس صحيح مسلم ـ وفي نفس الباب في الرواية المذكورة قبل هذه الرواية مباشرة ـ ما يلي:

«حدّثنا إسحاق بن إبراهيم، أخبرنا وكيع عن مالك بن مِغوَل، عن طلحة بن مصرَّف، عن سعيد بن جبير، عن ابن عبّاس أنّه قال: يوم الخميس، وما يوم الخميس، ثُمّ جعل تسيل دموعه حتّى رأيت على خدّيه كأنّها نظام اللؤلؤ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ائتوني بالكتف والدواة (أو اللوح والدواة) أكتب لكم كتاباً لن تضلّوا بعده أبداً. فقالوا: إنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم يهجر».

وبغضّ النظر عن هذه القرينة المفسِّرة يكون أصل الاعتذار الذي أشرنا إليه غير مسموع؛ لأنّ أصحاب الرسول جميعاً يعرفون أنّ الكتاب اقتصر على ذكر الاُمّهات، وأنّه ترك التفاصيل للسنّة، فلا معنى للحيلولة دون كتابة السنّة بحجّة أنّه حسبنا كتاب الله، أو بحجّة أنّ النبيّ(صلى الله عليه وآله) يصعب عليه تحضير الكتابة.

وأودّ أن أختم هذه المقدّمة بمطلع قصيدة في خطاب إلى يوسف