المولفات

المؤلفات > مفاهيم تربوية في قصّة يوسف

135

ألبسها يعقوب، وكانت عند اُخته، وإنّ يعقوب طلب يوسف ليأخذه من عمّته، فاغتمّت لذلك، وقالت: دعه حتّى اُرسله إليك، وأخذت المنطقة وشدّت بها وسطه تحت الثياب، فلمّا أتى يوسف أباه جاءت وقالت: قد سرقت المنطقة، ففتّشته فوجدتها معه في وسطه، فلذلك لمّا حبس يوسف أخاه حيث جعل الصاع في وعاء أخيه، فقال يوسف: ماجزاء من وجد في رحله؟ قالوا: هو جزاؤه ـ السنّة التي تجري فيهم ـ فلذلك قال إخوة يوسف: ﴿إِن يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَّهُ مِن قَبْلُ فَأَسَرَّهَا يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ وَلَمْ يُبْدِهَا لَهُمْ﴾».

قوله: ﴿وَاللّهُ أَعْلَمُ بِمَا تَصِفُونَ﴾ يُتراءى لي من هذه الجملة ـ أقصد كلمة ﴿مَا تَصِفُونَ﴾ـ أنّ إخوة يوسف كانوا يعلمون بأنّ يوسف لم يكن قد سرق المنطقة؛ فإنّ هكذا حيلة من عمّة يوسف ـ لو صدقت القصّة ـ لا تبقى عادةً منطوية ومخفيّة على يعقوب وأولاده، ولكنّ الإخوة أرادوا أن يبرّئوا أنفسهم من الاشتراك في سرقة الصواع، فقالوا: إنّ السرقة تناسب بنيامين ولا تناسبنا؛ لأنّه قد سرق أخ له من قبل، فأسرّها يوسف في نفسه ولم يبدها لهم، فالظاهر أنّ جملة: ﴿أَنْتُمْ شَرٌّ مَّكَاناً وَاللّهُ أَعْلَمُ بِمَا تَصِفُون﴾كان من قبل يوسف كحديث نفس لا كتعبير باللسان.

* * *