المولفات

المؤلفات > مفاهيم تربوية في قصّة يوسف

125

يعقوب(عليه السلام) يحتاط لحفظ بنيه:

قوله: ﴿يَا بَنِيَّ لاَ تَدْخُلُوا مِنْ بَاب وَاحِد وَادْخُلُوا مِنْ أَبْوَاب مُّتَفَرِّقَة وَمَا أُغْنِي عَنكُم مِّنَ اللّهِ مِن شَيْء إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلّهِ﴾: إنّ يعقوب يعلم


السلامة والعافية، ولا أحكم بأن تحفظوا بهذه الحيلة؛ فإنّ هذه الأسباب لا تغني من الله شيئاً، ولا لها حكم دون الله سبحانه، فليس الحكم مطلقاً إلاّ لله.

﴿وَلَمَّا دَخَلُوا مِنْ حَيْثُ أَمَرَهُمْ أَبُوهُم...﴾ أي: إنّهم دخلوا مصر أو دار العزيز فيها من أبواب متفرّقة كما أمرهم أبوهم، وكان قضاء الله سبحانه ماضياً فيهم، وأخذ العزيز أخاهم من أبيهم؛ لحديث سرقة الصواع، وانفصل منهم كبيرهم، فبقي في مصر، وأدّى ذلك إلى تفرّق جمعهم ونقص عددهم، فلم يغنِ يعقوب أو الدخول من حيث أمرهم عنهم من الله من شيء، لكن الله سبحانه قضى بذلك حاجة في نفس يعقوب(عليه السلام)؛ فإنّه جعل هذا السبب الذي تخلّف عن أمره وأدّى إلى تفرّق جمعهم ونقص عددهم بعينه سبباً لوصول يعقوب إلى يوسف(عليه السلام)؛ فإنّ يوسف أخذ أخاه إليه، ورجع سائر الإخوة إلاّ كبيرهم إلى أبيهم، ثُمّ عادوا إلى يوسف يسترحمونه، ويتذلّلون لعزّته، فعرّفهم نفسه، وأشخص أباه وأهله إلى مصر، فاتّصلوا به. ﴿ما كَانَ يُغْنِي عَنْهُم مِّنَ اللّهِ مِن شَيْء﴾ أي: لم يكن من شأن يعقوب أو هذا الأمر ـ الذي اتّخذه وسيلة لتخلّصهم من هذه المصيبة النازلة ـ أن يغني عنهم من الله شيئاً البتّة، ويدفع عنهم ما قضى الله أن يفارق اثنان منهم جمعهم. ﴿وَإِنَّهُ لَذُو عِلْم لِّمَا عَلَّمْنَاهُ﴾الضمير ليعقوب، أي: إنّ يعقوب لذو علم بسبب ما علّمناه من العلم.