المولفات

المؤلفات > مباني فتاوى في الأموال العامّة

43


2 ـ صحيح الأحول «أنّه سأل أبا عبدالله(عليه السلام): كيف صارت الزكاة من كلّ ألف خمسة وعشرين درهماً؟ فقال: إنّ الله ـ عزّ وجلّ ـ حسب الأموال والمساكين فوجد ما يكفيهم من كلّ ألف خمسة وعشرين، ولو لم يكفهم لزادهم»(1).

وهذان الخبران الصحيحان واردان في خصوص زكاة النقدين; بدليل أنّ حصّة الزكاة المقدّرة فيهما وهي الواحد من أربعين إنّما هي في النقدين دون الأنعام والغلاّت، فهذا دليل على أنّ زكاة النقد وحده بقدر 1⁄40 يكفي الفقراء، أفلا تستظهر من ذلك أنّ شريعة الإسلام الخالدة جعلت في النقود أيّاً كانت الزكاة بقدر واحد من أربعين؟! وأنّ ذكر النقدين بمعنى الذهب والفضّة في تأريخ النصوص كان من باب اختصاص النقد بهما في ذاك التأريخ لا لخصوصيّة فيهما؟!

ويبقى في مقابل هذا الاستظهار استبعاد تعلّق الزكاة بالنقود الاُخرى المخترعة في الأعصر المختلفة غير الذهب والفضّة; لأنّها لو كانت هي أيضاً متعلّقة للزكاة لكان المترقّب: إمّا تعيين نصابها من قبل الشريعة، أو جعل نصاب واحد للذهب والفضّة كي يعرف أنّ هذا النصاب هو نصاب النقد على الإطلاق، وكان ذكر الذهب والفضّة من باب المثال ومن باب تعارفهما في ذاك العصر، وكلّ هذا لم يكن، فلم يرد في الشريعة نصاب مطلق للنقد، ولم يوحّد نصاب الذهب والفضّة، فأوّل نصاب للذهب هو عشرون ديناراً أو عشرون مثقالاً، وزكاته نصف دينار، وفيما زاد في كلّ أربعة دنانير عشر دينار، أي: واحد من أربعين منها، وأوّل نصاب للفضّة هو مئتا درهم وزكاتها خمسة دراهم، وكلّما زاد أربعون كان فيها درهم واحد.

وهناك استبعاد آخر في تعلّق الزكاة بالنقود الورقيّة، وهو: أنّ الذهب والفضّة لو كانا


(1) المصدر نفسه، ح 2.