المولفات

المؤلفات > مباني فتاوى في الأموال العامّة

353


وقد حاولنا في بياننا هذا الاستفادة من نكتة التقابل بين الأمرين في نفس رواية واحدة تمّت المقابلة فيها بين ما اُخذ بغير قتال وبين الأرض الميّتة، أو المحياة إحياءً غير بشريّ.

أمّا لو لم يكن الأمر كذلك، وكان التقابل بين روايتين إحداهما منفصلة من الاُخرى، فعندئذ كان يصعب هذا الاستظهار; لأنّ استفادة الاستقلاليّة عندئذ قد تكون من بركات الاتّصال بين الأمرين، ولا دليل على صحّة قاعدة فرض المنفصلين متّصلين.

ولكن الإنصاف: أنّه حتّى مع فرض الانفصال يمكن إثبات المطلوب بما هو أقوى من مجرّد دعوى الإطلاق، وذلك بأن يقال: إنّ ما ينتزعه العرف إلى حدّ القطع، ومن دون أيّ شكّ أو تردّد من الجمع بين كلّ أرض خربة وبين بطون الأودية وبين كلّ أرض لا ربّ لها ـ حتّى ولو كانت في روايات غير متّصل بعضها ببعض ـ هو: أنّ المقصود بذلك: كلّ ما هو نفلٌ في مجتمع ما، أي: كلّ ما يكون أمراً ثانويّاً بالنسبة للناس الاعتياديّين، وكلّ هذه مصاديق وأمثلة لذلك، وليس هذا مجرّد استظهار نتيجة فرض الروايات متّصلاً بعضها ببعض، حتّى نشكّك في حجّيّته; لعدم الاتصال بالفعل، بل هو قطع عرفيّ لا يشكّ فيه الإنسان الاعتياديّ. فلكي يكون عنوان «ما اُخذ من الكفّار بغير قتال» عنواناً آخر للنفل يجب أن يكون المقصود بالنفل هنا معنىً آخر للنفل غير النفل بالنسبة للناس الاعتياديّين الذي هو نفل بالنسبة للكفّار أنفسهم، وهو ما يكون نفلاً بالنسبة للمسلمين، أي: أمراً ثانويّاً جاءهم بالفتح من الكفّار.

وكان مقتضى القاعدة الأوّليّة شمول ذلك لما فتح بلا سيف ولما فتح بالسيف; فإنّها جميعاً نفل وأمر ثانويّ بالنسبة للمسلمين، لكنّه(عليه السلام)إنّما استثنى ما فتح بالسيف; لأنّه من الغنيمة التي ترجع إلى المقاتلين أنفسهم، غير ما تستثنيه الشريعة من الخمس.

وعليه فلا يمكن تخصيص ما فتح من دون سيف بالخراب، ولا بالموات، ولا بغير