المولفات

المؤلفات > مباني فتاوى في الأموال العامّة

346


لا في الخمس، فنفهم أيضاً الفرق بين الكفّتين بكون الثانية لمنصب الإمامة، والاُولى لشخص الإمام بحيثيّة تعليليّة وهي الإمامة.

وممّا قد يشير إلى هذا الطرز من التفكير رواية محمّد بن مسلم قال: «سمعت أبا عبدالله(عليه السلام)يقول ـ وسئل عن الأنفال ـ فقال: كلّ قرية يهلك أهلها أو يجلون عنها فهي نفل لله عزّ وجلّ، نصفها يقسّم بين الناس، ونصفها لرسول الله، فما كان لرسول الله فهو للإمام»(1)، وسند الرواية ضعيف بإسماعيل بن سهل.

ويشهد لهذا الأمر الذي شرحناه تصريحات الزهراء(عليها السلام) في الخطبة المعروفة، والتي نقلناها قبل صفحات: «أفي كتاب الله أن ترث أباك ولا أرث أبي؟! لقد جئت شيئاً فريّاً... أفخصّكم الله بآية أخرج منها أبي؟! أم هل تقولون: أهل ملّتين لا يتوارثان؟!...»، فإنّه لو كانت المسألة مسألة: أنّ رسول الله(صلى الله عليه وآله) تملّك فدكاً لمصحلة الرسالة، لا أنّها كانت ملكاً له لحيثيّة الإمامة حيثيّة تعليليّة لم تكن الملكيّة واضحة بالشكل الذي تستطيع الزهراء(عليها السلام)التهجّم عليهم بهكذا لغة صارخة، وواضحة في الصرخة والتهكّم; لأنّ فدكاً وإن كانت بيد الرسول(صلى الله عليه وآله)لكنّهم كانوا يستطيعون عندئذ أن يفترضوا أنّها كانت بيده بوصفه إماماً، وهذا بخلاف ما إذا كانت ملكاً له بصراحة الحكم الشرعيّ الأوّليّ، فهذا هو الذي يصحّح هذه الصرخة، وهذا هو الذي يلجؤهم إلى الكذبة المفضوحة، كذبة: «لا نورّث».

وهذا الذي استظهرناه لا يقف أمامه المتيقّن ممّا تدلّ عليه الوجوه الماضية لإثبات أنّ الأنفال لمنصب الإمامة، فإنّه يكفي إشباعاً لمتيقّنها كون ما عدا الفيء من أقسام الأنفال لمنصب الإمامة مع فرض كون الفيء للإمام بأخذ الإمامة حيثيّة تعليليّة لذلك.

وإليك المرور السريع بالوجوه الماضية:


(1) الوسائل، ب 1 من الأنفال، ح 7، وبحسب طبعة آل البيت ج 9، ص 526.