المولفات

المؤلفات > مباني فتاوى في الأموال العامّة

334


أقول: إنّ هذا الكلام غريب; فإنّ آية الغنيمة جعلت التقسيم السداسي للخمس، وهذا يعني أنّ الباقي للمقاتلين، في حين أنّ الآية الثانية للفيء جعلت التقسيم السداسي لكلّ الفيء، فلو اُريد حملها على إرادة الخمس فمن الواضح أنّ حمل ما أفاء الله على خمس ما أفاء الله حمل ركيك، وليس عرفيّاً، وإن اُريد شيء آخر فلم نفهم مقصوده(رحمه الله).

على أنّ الآية الثانية للفيء لم تشر إطلاقاً من قريب أو بعيد إلى فرض وقوع القتال، والتأريخ لا يؤيّد ذلك، فإنّ قلاع بني النضير كانت قريبة من المدينة، وقيل: إنّ الفاصل بينها وبين المدينة ميلان، أي: أقلّ من أربع كيلومترات والمسلمون ذهبوا إليها مشياً لا بخيل وركاب، وليس من الثابت وقوع قتل في البين(1).

ولك أن تقول: إنّ الأمر دائر بين حمل الآية الثانية للفيء على نفس المشهد الذي تنظر إليه الآية الاُولى للفيء، وأنّه انتهى المشهد بالغلبة على تلك القرى من دون أن يوجف عليها بخيل ولا ركاب، ولا هراقة الدم، أو حملها على فرض القتال، ثُمّ حمل ما أفاء الله على مقدار الخمس بقرينة آية الغنيمة، أو حمل آية الغنيمة على نسخ إطلاق آية الفيء، والمتعيّن من الاحتمالات الثلاثة هو الأوّل; لأنّ الثاني يوجب الرِكّة في التعبير وعدم عرفيّته، والثالث وهو النسخ غير محتمل أصلاً; لأنّ ناسخيّة آية الخمس لآية الأنفال لو كانت محتملة فناسخيّتها لآية الفيء غير محتملة; لأنّ قصّة قلاع بني النضير من حوادث السنة الثالثة أو الرابعة من الهجرة، في حين أنّ قصّة بدر ونزول آية خمس الغنيمة من حوادث السنة الثانية، ولا يمكن أن يكون النسخ قبل نزول المنسوخ.

إذن فأفضل ما يمكن أن يقال بشأن آية الفيء هو: إنّ الله تعالى بعد أن جعل الفيء المأخوذ بغير قتال للرسول(صلى الله عليه وآله) لا للجيش الذي لم يقاتل أرشده إلى طريقة صرفه للمال


(1) راجع تفسير نمونه، ج 23، ص 503 ـ 504.