المولفات

المؤلفات > مباني فتاوى في الأموال العامّة

329


وفي فتح مكّة لم يأخذ شيئاً من أموالهم، ولم يأسرهم، بل قال لهم: يا معشر قريش ما ترون أ نّي فاعل بكم؟ قالوا: خيراً، أخ كريم وابن أخ كريم، قال: «اذهبوا فأنتم الطلقاء»(1).

يبقى الكلام في أنّ فتح مكّة هل كان بالحرب أو كان بالسلم؟ لا شكّ في أنّ رسول الله(صلى الله عليه وآله) كان يخطّط لفتح مكّة من دون إراقة الدماء، ولكن الذي وقع حسب ما يحدّثنا التأريخ هو إراقة الدماء الجزئيّة، فقد روى الشيخ السبحانيّ في «فروغ أبديّت»(2) عن مغازي الواقدي: أنّ رسول الله(صلى الله عليه وآله) قسّم جيشه إلى عدّة أقسام حسب الفرق المختلفة لدخول مكّة، ودخل أكثرهم مكّة بلا حرب، ما عدا القسم الذي كان بقيادة خالد بن الوليد حيث واجه حرباً مع جماعة حرّكهم عكرمة وصفوان وسهيل ضدّ المسلمين، ولكن جماعة الكفّار انكسروا بقتل ثمانية وعشرين منهم، وهروب الباقين.

وروى الشيخ المنتظري في ولاية الفقيه(3) عن المغازي للواقدي ما نصّه:

«وقد كان صفوان بن اُميّة وعكرمة بن أبي جهل وسهيل بن عَمرو قد دعوا إلى قتال رسول الله(صلى الله عليه وآله)، وضوى إليهم ناس من بني بكر وهذيل وتلبّسوا السلاح ويقسمون بالله لا يدخلها محمّد عنوة أبداً... فمنعوه الدخول، وشهروا السلاح، ورموا بالنبل، وقالوا: لا تدخلها عنوة أبداً، فصاح خالد بن الوليد في أصحابه، وقاتلهم، فقتل منهم أربعة وعشرين رجلاً من قريش، وأربعة من هذيل، وانهزموا أقبح الانهزام حتّى قتلوا بالحزورة وهم مولّون في كلّ وجه، وانطلقت طائفة منهم فوق رؤوس الجبال، وأتبعهم المسلمون،


(1) راجع ولاية الفقيه للشيخ المنتظري، ج 3، ص 143.

(2) ج 2، ص 725.

(3) ج 3، ص 143.