المولفات

المؤلفات > مباني فتاوى في الأموال العامّة

108


وهو عدّ الخمس من وجه الإمارة(1)، ولكنّني لم أجد فيها ما يتمّ سنداً إلّا صحيح ربعي ـ وهو الحديث الثالث من ذلك الباب ـ عن أبي عبدالله(عليه السلام)قال: «كان رسول الله(صلى الله عليه وآله)إذا أتاه المغنم أخذ صفوه وكان ذلك له، ثُمّ يقسّم ما بقي خمسة أخماس ويأخذ خمسه، ثُمّ يقسّم أربعة أخماس بين الناس الذين قاتلوا عليه، ثُمّ قسّم الخمس الذي أخذه خمسة أخماس يأخذ خمس الله ـ عزّ وجلّ ـ لنفسه...»، فلولا أنّ المقصود بالآية الشريفة تقسيم الخمس إلى عدّة أقسام لم يكن معنى لقوله(عليه السلام): «يأخذ خمس الله ـ عزّ وجلّ ـ لنفسه».

والثاني: أنّ المسألة ليست مسألة تقسيم، بل هي مسألة مراتب، فالخمس كلّه لله، وما كان لله فللرسول، وما كان للرسول بما هو رسول ينتهي بعده إلى ذي القربى، وهو الإمام، وذكر الجهات الثلاث الاُخرى لم يكن إلّا من باب ذكر المصرف.

وظاهر الآية ينسجم مع التفسير الثاني أكثر منها مع التفسير الأوّل، فلا نفهم معنىً معقولاً لجعل حصّة الله. وآية الزكاة(2) إنّما حصّصت الزكاة لأنّها فرضت الحصص كلّها بين الناس، فالظاهر: أنّ المقصود: أنّ الخمس كلّه لله، وأنّ ما لله يرجع بالمرتبة الثانية للرسول، وأنّ ما للرسول يرجع بالمرتبة الثالثة للإمام. وهذه هي النكتة البلاغية لتكرار حرف اللام على كلمة «الله» و «الرسول» و «ذي القربى»; إذ لو كان المقصود هو التقسيم السداسي لم يكن المناسب تكرار اللام على كلمة «الرسول» وكلمة «القربى» أبداً; لأنّ الخمس للمجموع أو قل: للجميع بالشركة، فالمفروض أن تذكر لام واحدة واردة على الكلّ كما هو الحال في آية الزكاة(3)، خصوصاً بناءً على عدم وجوب استيعاب الأقسام، وعليه فتكرار اللام يعني: أنّ الخمس كلّه لله وكلّه للرسول


(1) الوسائل، ب 2 ممّا يجب فيه الخمس، ح 12.

(2) سورة التوبة، الآية: 60.

(3) سورة التوبة، الآية: 60.