المولفات

المؤلفات > الشهيد الصدر سموّ الذات وسموّ الموقف

41

الحسينيّة التي تنظّمها المدرسة كلّ عام في يوم عاشوراء، أو في وفيات بعض الأئمّة الأطهار، حيث كان يرتقي المنبر المعدّ له في الصحن الكاظميّ؛ ليلقي القصيدة أو الكلمة في المناسبة عن ظهر القلب، ويبدو وكأنّه يرتجل مسترسلاً دون توقف أو تلكّؤ، وقد تعجب أيّها القارئ أنّ فترة حفظه لها لاتتجاوز مسيرة الموكب من المدرسة إلى الصحن الشريف، وكثيراً ما كنت أسمع أنا وغيري من الطلاّب كلمات الاستحسان والتعجّب والتشجيع من قبل الناس المحتشدين حول موكب مدرستنا (مدرسة منتدى النشر في الكاظميّة)، وقد أعطى ـ وهو في هذه السنّ ـ لموكبنا منزلة قد تفوق منازل المواكب الاُخرى، فقد كان الناس يرافقون الموكب منذ لحظة انطلاقه من المدرسة إلى الصحن الشريف حيث نجد عدداً كبيراً من الناس ينتظرون الموكب بشوق ولهفة، وكان تحشّدهم يزداد إذا كان هو الخطيب في ذلك اليوم، وأمّا إذا كان غيره ينفضّ عن الموكب الكثيرون منهم، فقد كان لإلقائه حلاوة وتأثير غريب في نفوس الجماهير يزيده روعة صغر سنّه.

في تلك السنين القليلة عرفنا باقر الصدر وليتها كانت تطول، وعرفه الناس الذين يقصدون الكاظميّة من بغداد وضواحيها؛ لحضور المواكب والمجالس الحسينيّة.

وإنّنا زملاءه في المدرسة عرفناه أكثر في مواقفه هذه، وعرفناه طالباً مثاليّاً في سلوكه وفي جميع تصرّفاته. وما أتذكر أنّه كان له حسّد من الطلاّب، بل كان حبّهم له يطغى على كلّ شيء يتودّدون