المولفات

المؤلفات > الشهيد الصدر سموّ الذات وسموّ الموقف

224

في الوقت المحدّد رأينا ثلاثة أشخاص ملثّمين اقتحموا هذه المجموعة، وثلاثة آخرين اقتحموا المجموعة الاُخرى من الجانب الآخر، وبدؤوا معركة فريدة، سقط فيها عدد من أفراد الأمن جرحى، ولعلّ بعضهم قد مات فيما بعد، ثُمَّ لاذوا بالفرار، ولم يتمكّنوا من القبض عليهم.

السيّد الشهيد استأنس لمّا رأى ذلك، وقال: «الإسلام يحنّ حتّى إلى هؤلاء». وكان(قدس سره)يعتقد أنّ دمه الزكيّ لو اُريق فإنّه سوف يحرّك حتّى هذه الطبقة من الناس فضلاً عن الواعين والمؤمنين.

موقف آخر: كان بعض المؤمنين يرسلون إلى السيّد في فترة الاحتجاز بعض المبالغ، فكان(قدس سره)يرفض استلامها على رغم حاجته إليها، فقلت له في مرّة من المرّات: سيّدنا، لماذا ترفض المال ونحن في الحجز، وهذا الحجز قد يطول؟! فقال لي: «إنّ والدي السيّد حيدر(رحمه الله)(وكان والده من علماء مدينة الكاظميّة) في الليلة التي توفّي فيها ما ترك لنا ما نقتات به، فبقيت تلك الليلة مع والدتي وأخي المرحوم السيّد إسماعيل واُختي آمنة من دون طعام العشاء؛ إذ لم يكن عندنا ما نشتري به شيئاً نأكله، وأنا الآن ليس بيني وبين أن ألقى ربّي إلاّ أن يأتي هؤلاء الظَّلَمة ويقتلوني، وأنتقل إلى جوار أجدادي الطاهرين، فلمن أدّخر المال؟!

هذه هي عاطفة السيّد ـ أيّها الإخوة ـ التي أساسها الدافع الإلهىّ، والتقرّب إليه، والسعي إلى رضاه.