المولفات

المؤلفات > الشهيد الصدر سموّ الذات وسموّ الموقف

219

حدود الساعة الثالثة ظهراً إلى مكتبة السيّد الشهيد(قدس سره)، فوجدته في المكتبة يبكي بكاءً شديداً، فقلت له: سيّدي ومولاي، إن كنت أنت هكذا تصنع إذن فماذا يجب أن أصنع أنا؟! حينئذ كفكف(قدس سره) دموعه، وقال لي: يا ابني واللهِ لو أنّ البعثيّين خيّروني بين إعدام خمسة من أولادي وبين إعدام هؤلاء، لاخترت إعدام أولادي، وضحيّت بهم؛ لأنّ الإسلام اليوم يحتاجهم (يعني: الشيخ عارف وصحبه).

هذه العاطفة ليست عاطفة غريزيّة من سنخ العواطف المتعارفة، هذه عاطفة كعاطفة أمير المؤمنين(عليه السلام)، فهو يقتل المئات في ساحات الوغى ثُمَّ في نفس الوقت يجلس إلى جانب طفل يتيم يمسح رأسه ويبكي.

الموقف الثاني الذي مازال في نفسي: حينما وصل إلينا خبر إعدام السيّد الشهيد قاسم شبّر والسيّد قاسم المبرقع، وحينما سمع السيّد الشهيد خلال فترة الاحتجاز بإعدام هؤلاء الشهداء الأبرار مع العشرات من خيرة أبناء العراق قبض السيّد الشهيد(قدس سره) على شيبته الكريمة، ورفع رأسه إلى السماء، وقال: إلهي بحقّ أجدادي الطاهرين ألحقني بهم.

الشيء الذي أعجزُ عن نقله ـ أيّها الإخوة ـ حالة السيّد ووضعه حينما قبض لحيته الكريمة، والدموع تجري من عينيه، وهو ينادي ربّه بقلب صاف: إلهي، بحقّ أجدادي الطاهرين ألحقني بهم. وكانت الدعوة مستجابة، فلم تمضِ أشهر قليلة إلاّ وقد استشهد، رضوان الله عليه.

موقف آخر في يوم من الأيّام ـ في فترة الاحتجاز ـ وفي حدود