المولفات

المؤلفات > فقه العقود ج2

86

نعم، في الموارد التي يكون الإبراز السابق دالّا بلحاظ بعض المناسبات والقرآئن على استمرار الإرادة لحين لحوق القبول نلتزم بصحّة العقد كما في مثال البيع من مكان بعيد بواسطة إرسال رسالة كتبية أو شفهية أو بواسطة البرقية، أو الهبة المعاطاتية التي تتمّ من شخص إلى شخص متباعدين مكاناً بواسطة مسافر يأتي بالعين من الواهب إلى الموهوب له وما شابه ذلك حيث انّ القرينة قائمة هنا ان مقصود الموجب عادة هو الاستمرار في إرادته والتزامه لحين وصول الرسالة أو البرقية أو الرسول إلى صاحبه.

وإن شئت فعبّر بانّ الموالاة في كل شيء بحسبه فالموالاة المعتبرة في مثل البيع أو الهبة بواسطة الرسالة أو البرقية أو الرسول ليست بمعنى المنع عن الفاصل الزمني الذي يتطلّبه سفر الرسول أو بلوغ الرسالة أو البرقية وانّما هي بمعنى المنع عن الفصل الطويل من بعد وصول الرسول أو الرسالة أو البرقية.

وبكلمة دقيقة ليست الموالاة في الحقيقة شرطاً وليس في المقام شيء عدا نفس الركن الثاني من أركان العقد وهو إبراز الإرادة والاخلال بالموالاة قد يوجب الاخلال بهذا الإبراز.

وأمّا المحقّق النائيني (رحمه الله)(1) فقد قسّم في المقام العقد إلى قسمين: العقد الإذني، والعقد العهدي، ويقصد بالعقد الإذني ما يكون قوامه بمجرّد الإذن والرضا حدوثاً وبقاء كما في العارية والوديعة ويقول في هذا القسم بعدم اشتراط الموالاة بين الإيجاب والقبول لانّ قوام العقد ليس إلّا بنفس الاذن والرضا الباطني فما دام موجوداً يتمّ الأمر سواء تمّت الموالاة بين الإيجاب والقبول أو لا، وبكلمة اُخرى: انّ هذا القسم ليس عقداً إلّا بالمسامحة.

 


(1) راجع منية الطالب 1: 111 ـ 112، وكتاب المكاسب والبيع 1: 290 ـ 291.