المولفات

المؤلفات > فقه العقود ج2

29

الاستعمالية عبارة عن إرادة التلفّظ باللفظ ولكن لا بما انّه صوت مخصوص بل بما انّه دال بحسب طبعه وصالح في ذاته لإيجاد صورة المعنى في الذهن) ان رجع إلى ما قلناه وهو ما سمّيناه بالإشارة إلى المعنى باللفظ فهو صحيح وإلّا لم نفهم المقصود منه فان كون دلالته بالطبع على المعنى المستعمل فيه هي الحيثية التي تعنون بها إرادة التلفّظ لو لم يرجع إلى ما قلناه لا نفهم له محصلا عدا كون هذه الحيثية هي التي دعت إلى إرادة التلفّظ، وهذه الحيثية لا تدعو إلى ذلك إلّا حينما تكون الغاية من التلفّظ إفهام ذاك المعنى وإخطار إلى ذهن السامع، وهذا رجوع مرة اُخرى إلى الإرادة الإخطارية.

إذا عرفت هذه الإرادات الثلاث قلنا: إنّ فرق التورية عن الكذب الذي لا تورية فيه ليس في المعنى الذي يخطره إلى ذهن السامع، ولا في الدلالة التصديقيّة الجدّيّة التي يريد إفهامها للسامع فلو قال للمخاطب الذي يطالبه بالمال مثلا: (والله انّ يدي خالية) قاصداً بذلك صرفه عن مطالبته المال بتخيّل كونه صفر اليدين من المال لم يكن فرق بين ان يقصد كذباً عدم امتلاكه للمال وان يقصد تورية خلو يده من وجود عين مقبوضة في انّه أراد ان يخطر في ذهن السامع المعنى الأوّل، وأن يفهّمه حكاية المعنى الأوّل، وانّما الفرق بينهما في الإرادة الاستعمالية حيث قد يجعل اللفظ بينه وبين نفسه إشارة إلى المعنى الأوّل، وقد يجعله إشارة إلى المعنى الثاني، ولكنّه على كلا التقديرين يريد إظهار المعنى الأوّل للمخاطب إذ من الواضح ان فائدة التورية هي ان يفهم المخاطب غير المعنى الذي قصده المتكلّم باستعماله، أمّا لو فهم المخاطب نفس المعنى المقصود حقيقة فقد فسدت التورية وانتقض الفرض كما هو واضح.

وعندئذ يجب ان نرى انّ المقياس في الكذب ما هو؟ هل هو مخالفة