المولفات

المؤلفات > فقه العقود ج1

95

متعاقبة، لا فرداً معيّناً كي يصبح وقفاً لا يجوز تبديله، فقوام الجريان إنّما هو بالتحبيس وليس بكون المحبوس فرداً معيّناً من العين.

وبهذا البيان تصحّح أمثال الصناديق الخيرية أو تمليك مال لحركة أو حزب أو ما شابه ذلك إن كان أمراً خيرياً يتمشّى فيه قصد القربة، ولا يثبت بهذا كل آثار الشخصيّة الحقوقيّة كصحّة إقراضها أو تمثّلها بالمتولّي كأحد المترافعين لدى القاضي.

إلّا أنّ فهم هذا الإطلاق من روايات الصدقة الجارية يتوقّف على أن لا نحتمل كون انحصار مصداق الصدقة الجارية وقتئذ في مرتكز المتشرّعة في الوقف صالحاً للقرينيّة الموجبة لانصراف إطلاق عنوان الصدقة الجارية إلى الوقف(1)، أمّا إذا احتملنا ذلك فقد بطل الإطلاق.

إلّا أنّ حلّ هذا الإشكال عبارة عن الرجوع إلى صحيحة عبد الرحمن بن الحجّاج(2) الصريحة في جواز شرط الواقف حقّ البيع والتبديل، فيرجع واقع المطلب إلى التصدّق بالماليّة، أو قل: وقف الماليّة القابلة للتجسيد في الأعيان المختلفة.


(1) أي الوقف الذي لا يباع ولا يوهب ولا يبدّل.

(2) راجع الوسائل 19: 199 ـ 200 طبعة آل البيت (عليهم السلام)، الباب 10 من أبواب الوقوف والصدقات الحديث 3. وقد ورد في هذا الحديث قوله: «وإن كان دار الحسن غير دار الصّدقة فبدا له أن يبيعها فليبعها إن شاء لا حرج عليه فيه وإن باع فإنه يقسّمها ثلاثة أثلاث فيجعل ثلثاً في سبيل الله ويجعل ثلثاً في بني هاشم وبني المطلب ويجعل ثلثاً في آل المطلّب...»، فإن استظهرنا من هذا الكلام تبديل العين الموقوفة بعين أُخرى بأن يشتري بثمن الأُولى الثانية فهذا يكون ما أسميناه بوقف الماليّة أو تمليكها لما وقف عليه، وإن استظهرنا من هذا الكلام بيع الوقف وصرف ثمنه على الموقوف عليهم قلنا: إذن فصحّة شرط جواز البيع للتبديل أولى من شرط جواز البيع للصرف والاستهلاك، فإذا جاز هذا جاز ذاك، وذلك راجع كما قلنا إلى وقف وتمليك الماليّة القابلة للتبدّل في تجسّدها من عين إلى عين.