المولفات

المؤلفات > فقه العقود ج1

94

ولكن الواقع أنّ ثبوت هذا الارتكاز ـ أعني ارتكاز عدم التفكيك في الشخصيّات الحقوقيّة بين الحقوق خاصّة في زمن المعصوم (عليه السلام) ـ غير واضح، إلّا في عنوان طبّق بالفعل على إنسان فأصبح الإنسان مالكاً لما يملكه العنوان كعنوان الدولة أو الإمام المنطبق على شخص الإمام، فملك بذلك ممتلكات الإمام، فهذه الممتلكات وإن كانت لا تنتقل الى وارثه لأنّها ليست ملكاً له بما هو شخص بل هي ملك له بما هو إمام وبما هو متقمّص قميص الدولة لكن هذا الإنسان الذي أصبح يمتلك بعض الممتلكات بوصفه إماماً يستطيع أن يستدين بهذا الوصف، أو أن توهب له أموال بهذا الوصف.

فلو سلّمنا عدم تعقّل العرف والعقلاء التفكيك بين الحقوق له وعليه فى إنسان انطبق عليه عنوان فامتلك ممتلكات ذاك العنوان بوصفه متلبّساً بذاك اللباس لا نسلّم ذلك في مثل الشركات والجمعيّات والمؤسّسات وما شابه ذلك.

إذن فغاية ما يثبت بعمومات الوقف هو جواز امتلاك أيّ جهة خيريّة لشيء مّا بالوقف، أمّا ثبوت كامل الشخصيّة الحقوقيّة لتلك الجهة لكي تثبت كلّ الأحكام الحقوقيّة لها وعليها فلا.

نعم، يمكن التعدّي من الوقف الذي هو تحبيس لعين خاصّة إلى تمليك الماليّة التي يمكن تبديل تجسّدها من عين إلى عين اُخرى فراراً من مشكلة حرمة تبديل العين الموقوفة، فيجوز للمتولّي البيع والتبديل بما يراه صالحاً في أيّ وقت أراد، وذلك تمسّكاً بإطلاق روايات الصدقة الجارية(1) بدعوى أنّ الجريان ليس مصداقه الوحيد عبارةً عن انحباس العين وتوقيفها عن البيع وهو المصداق الرائج في زمن صدور النصّ، بل له مصداق آخر أيضاً وهو أن يكون المحبوس على المشروع الخيري هو ماليّة الشيء التي يمكن تجسيدها ضمن أعيان مختلفة


(1) راجع الوسائل 13: 292 ـ 294، الباب 1 من أبواب الوقف والصدقات.