المولفات

المؤلفات > فقه العقود ج1

87

الأوّل: حقوق عامّة للمسلمين يكون على الوالي المحافظة عليها والتفتيش عن حقيقة الحال عند الشكّ فيها، كما في حفظ أمن البلاد وراحة العباد، وهنا لا دليل على اعتبار رفع دعوى أحد على أحد لإخلاله بالأمن أو راحة الناس من دون أداء ذلك إلى ضرر بالمدّعي داخلا في باب المرافعة المألوفة في باب القضاء التي تدور مدار بيّنة المدّعي ويمين المنكر، وإنّما أثر رفع الدعوى هنا هو إيجاد احتمال الخلل بالأمن والراحة في ذهن الوالي، فيتمّ بالنسبة للوالي موضوع وجوب الفحص والتفتيش لحفظ أمن الناس وراحتهم.

والثاني: المعاصي الموجبة للحدّ أو التعزير كما في رفع دعوى الزنا أو اللواط على شخص، وهذا أيضاً لا دليل على إدخاله في باب المرافعة المألوفة التي يدور الأمر فيها على البيّنة والأيمان، بل هذا مجرّد إخبار للوالي بالأمر، فإن لم يقترن الإخبار بالبيّنة بالقدر المثبت لمدّعاه لم يطالب القاضي المدّعى عليه باليمين، ولم يثبت عليه شيء، بل قد يحدّ المدّعي حدّ القذف من دون توقّف ذلك على يمين المنكر.

وإن اقترن الإخبار للوالي بالبيّنة بالعدد الكافي لإثبات ذاك المدّعى تمّ بذلك ثبوت ما يوجب على القاضي إقامة الحدّ أو التعزير، وهذا ما يجب عليه بقطع النظر عن باب المرافعة والقضاء بين المترافعين، أي لو ثبت له ذلك من دون وجود مدّع في المقام كانت عليه أيضاً إقامة الحدّ أو التعزير، ولا علاقة لذلك بباب القضاء بالمعنى الخاصّ.

نعم، رغم كلّ هذه المناقشات لا ننكر صحّة بعض المصاديق التي ذكرها الاُستاذ الزرقاء في الجملة، ولو تمّت كلّ المصاديق التي ذكرها فهي غير كافية لدينا لإثبات كلّ الشخصيّات المعنويّة والحقوقيّة الواردة في الفقه الغربي بعرضها العريض في فقهنا الإسلامي، وإن كان ذلك قد يكفي لإثبات المقصود لدى أمثال الاُستاذ الزرقاء على أساس مباني القياس والاستحسان والمصالح المرسلة،