المولفات

المؤلفات > فقه العقود ج1

84

فمن تلك الأحكام ما يلي:

1 ـ في الناحية الخارجيّة اعتبروا أنّ ما يبرمه الإمام من صلح أو معاهدات محترم وملزم للاُمّة، لا تجوز للإمام أو الرعيّة مخالفته ما لم ينتهِ أجله، أو ينقض نقضاً مشروعاً بعد إنذار وإمهال، أو يخلّ الطرف الثاني بعهده، وما يفتح من البلدان صلحاً يجري الإمام فيه على موجب الصلح، ولا يجوز للإمام الذي يأتي بعده تغييره، ومعنى هذا اعتبار الدولة من الوجهة السياسيّة الخارجيّة شخصاً حكميّاً يمثّله الإمام ويتعاقد باسمه وفقاً لنظريّات الحقوق الدوليّة الحديثة.

2 ـ وفي الناحية الداخليّة ذكروا أنّ القضاة والعمّـال ـ أي الموظّفين ـلا ينعزلون بموت السلطان الذي عيّنهم.

3 ـ وفي الناحية الماليّة ـ وهي التي يبرز فيها وجه الذمّة الماليّة في شخصيّة الدولة ـ ذكروا أنّ القاضي إذا أخطأ في قضائه بما لا يكون فيه التلافي كان الضمان على بيت المال.

ومقتضى هذه النصوص وأمثالها أنّ الفقهاء قد اعتبروا الدولة شخصيّة حكميّة ذات أهليّة وذمّة مستقلّة عن شخصيّات أفراد الاُمّة، ولها ماليّة خاصّة مستقلّة عن أموالهم وإن كانت تجبى منهم، وهي بيت المال.

ثمّ يذكر الاُستاذ الزرقاء بحثاً عن الشخصيّة الحكميّة في النظر القانوني وأنواعها وأحكامها، ثمّ يقول: أنّه بالرجوع إلى القواعد الفقهيّة في الشريعة الإسلاميّة وما أسلفناه يتّضح أنّ النظريات الحقوقيّة الحديثة والأحكام القانونيّة المعتبرة اليوم في الشخصية الحكميّة تتّفق كلّها مع قواعد الفقه الشرعي، ولو أنّ هذه المؤسّسات ذات الشخصيّة الحكميّة القانونيّة اليوم وجدت في العصور الفقهيّة الماضية لدينا لأقرّ لها الفقهاء هذه الأحكام التي جاء الشرع بأمثالها في شخصيّة الدولة وبيت المال والوقف كما تقدّم، فالأحكام القانونيّة المتعلّقة بالأشخاص الحكميّة العامّة والخاصّة كالجمعيّات والمؤسّسات يمكن إدخالها في صلب الفقه وكتبه.