المولفات

المؤلفات > فقه العقود ج1

82

الحقوقيّة وأحكامها المشروحة في الفقه الغربي لاُسس الفقه الإسلامي، وأنّ عدم ذكر الفقهاء القدامى لجملة من هذه الشخصيّات أو لأحكامها كان نتيجة عدم معرفتهم للصوَر الجديدة للشركات المنظّمة بأنواعها وأساليب عملها الاقتصاديّة وطرائق تكوينها وحدود مسؤوليّاتها ممّا هو وليد العرف والتطوّر الاقتصادي الحديث في اُوربا، وهذا لا يعني عدم موافقة تلك الشخصيّات الحقوقيّة وأحكامها لاُسس الفقه الإسلامي.

أمـّا ما ذكره أوّلا من نموذج للشخصيّات المعنويّة في الفقه الإسلامي فهو أمران:

الأوّل: النصّ المنقول عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): «المسلمون تتكافأ دماؤهم ويسعى بذمّتهم أدناهم وهم يدعلى من سواهم»(1). فذكر: أنّ قوله (صلى الله عليه وآله وسلم): «يسعى بذمّتهم أدناهم» دليل على اعتبار مجموع الاُمّة كشخصيّة واحدة يمثّلها في إعطاء الذمّة والتأمين كلّ فرد منها.

والثاني: الحقوق العامّة والاُمور الحسبيّة التي يصحّ للفرد فيها رفع الدعوى إلى الحاكم من عقوبات الحدود، وإزالة الأذى عن الطريق، وقمع الغِشّ، والتفريق بين الزوجين المستمرّين على الحياة الزوجيّة بعد البينونة بالطلاق، وغير ذلك وإن لم يكن للمدّعي في شيء من ذلك علاقة بالموضوع أو ضرر منه يدفعه عن نفسه ممّا يشترط في صحّة الخصومات والدعاوى في الحقوق الفرديّة، فهذا وأمثاله يدلّ على تصوّر شخصيّة حكميّة لتلك المصلحة العامّة التي يمارس حقّ الادّعاء باسمها.

وأمـّا ما ذكره من نموذج للاعتراف بكامل المعنى الحقوقي الحديث للشخصيّة الحكميّة في الفقه الإسلامي فهو عبارة عن ثلاثة أمثلة:


(1) ورد هذا النصّ عن طرق الشيعة أيضاً، راجع الوسائل 19: 55 و 56، الباب 31 من أبواب القصاص في النفس.